- ٢٦ - اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ
يَذْكُرُ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يوسع الرزق عَلَى مَنْ يَشَاءُ، لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْعَدْلِ،
وَفَرِحَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ بِمَا أوتوا من الْحَيَاةِ الدُّنْيَا اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ وَإِمْهَالًا كَمَا قَالَ: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لاَ يَشْعُرُونَ﴾، ثُمَّ حَقَّرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا ادخر تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَقَالَ: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ﴾، كَمَا قَالَ: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتقى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾، وَقَالَ: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾، وقال الإمام أحمد، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ أَخِي بَني فِهْرٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «ما الدنيا في الآخرة إلا كما يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ»، وأشار بالسبابة (أخرجه مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ)، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ، وَالْأَسَكُّ الصَّغِيرُ الْأُذُنَيْنِ، فَقَالَ: «وَاللَّهِ لِلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا على أهله حين ألقوه» (أخرجه مسلم أيضاً في صحيحه).
- ٢٧ - وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ
- ٢٨ - الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ
- ٢٩ - الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وحسن مآب
يخبر تعالى عن المشركين قولهم ﴿لَوْلاَ﴾ أَيْ هَلَّا، ﴿أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ﴾، كقولهم: ﴿فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ الأولون﴾ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا غَيْرَ مَرَّةٍ، وَإِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى إِجَابَةٍ مَا سَأَلُوا؛ ﴿قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ، وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ﴾ أَيْ هُوَ الْمُضِلُّ وَالْهَادِي، سَوَاءٌ بَعَثَ الرَّسُولَ بِآيَةٍ عَلَى وَفْقِ مَا اقْتَرَحُوا، أَوْ لَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى سُؤَالِهِمْ، فَإِنَّ الهداية والإضلال ليس منوطاً بذلك، كَمَا قَالَ: ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَا يؤمنون﴾، وَقَالَ: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ