القيامة ﴿لِيَجْزِيَ الذين أَسَاءُواْ بما عملوا﴾ الآية، ﴿إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ﴾ ويحتمل أنه في حال محاسبة لِعَبْدِهِ سَرِيعُ النَّجَازِ، لِأَنَّهُ يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَإِنَّ جَمِيعَ الْخَلْقِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قُدْرَتِهِ كَالْوَاحِدِ مِنْهُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ: ﴿سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ إِحْصَاءً، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَيَانِ مُرَادَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
- ٥٢ - هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا إِنَّمَا هُوَ إله وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الْأَلْبَابِ
يَقُولُ تَعَالَى: هَذَا الْقُرْآنُ بَلَاغٌ لِلنَّاسِ، كقوله: ﴿لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بلغ﴾ أي هو بلاغ لجميع الخلائق من إنس وجن كما قال في أول السورة: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النور﴾ الآية، و ﴿لينذروا بِهِ﴾ أَيْ لِيَتَّعِظُوا بِهِ، ﴿وَلِيَعْلَمُوا إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ أَيْ يَسْتَدِلُّوا بِمَا فِيهِ مِنَ الْحُجَجِ وَالدَّلَالَاتِ عَلَى أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، ﴿وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ أَيْ ذَوُو الْعُقُولِ.