- ٢٦ - وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا
- ٢٧ - إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا
- ٢٨ - وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى بِرَّ الْوَالِدَيْنِ، عَطَفَ بِذِكْرِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْقَرَابَةِ وَصِلَةِ الأرحام، وفي الْحَدِيثِ: «أُمَّكَ وَأَبَاكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ». وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ أحب أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقُهُ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَجَلِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». وقوله: ﴿وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً﴾ لَمَّا أَمَرَ بِالْإِنْفَاقِ نَهَى عَنِ الْإِسْرَافِ فِيهِ، بَلْ يَكُونُ وَسَطًا كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ الآية، ثُمَّ قَالَ مُنَفِّرًا عَنِ التَّبْذِيرِ وَالسَّرَفِ: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾: أَيْ أَشْبَاهَهُمْ فِي ذلك، قال ابْنُ مَسْعُودٍ: التَّبْذِيرُ الْإِنْفَاقُ فِي غَيْرِ حَقٍّ، وقال مجاهد: لو أنفق إنسان ماله فِي الْحَقِّ لَمْ يَكُنْ مُبَذِّرًا، وَلَوْ أَنْفَقَ مداً في غير حق كان مبذراً. وَقَالَ قَتَادَةُ: التَّبْذِيرُ النَّفَقَةُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تعالى، وفي غير الحق والفساد، وقوله: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾: أَيْ فِي التَّبْذِيرِ وَالسَّفَهِ، وَتَرْكِ طَاعَةِ اللَّهِ وَارْتِكَابِ مَعْصِيَتِهِ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كُفُوراً﴾: أَيْ جُحُودًا، لِأَنَّهُ أَنْكَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِطَاعَتِهِ، بَلْ أَقْبَلَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ، وقوله: ﴿وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ﴾ الآية: أي إذا سألك أقاربك ومن أمرناك بِإِعْطَائِهِمْ وَلَيْسَ عِنْدَكَ شَيْءٌ وَأَعْرَضْتَ عَنْهُمْ لِفَقْدِ النَّفَقَةِ ﴿فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا﴾: أَيْ عِدْهُمْ وَعْدًا بِسُهُولَةٍ وَلِينٍ إِذَا جَاءَ رِزْقُ اللَّهِ فسنصلكم إن شاء الله" (هكذا فسره مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ فسروا القول الميسور بالوعد).
- ٢٩ - وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً
- ٣٠ - إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا
يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا بِالِاقْتِصَادِ فِي الْعَيْشِ، ذَامًّا لِلْبُخْلِ، نَاهِيًا عَنِ السَّرَفِ: ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ﴾ أَيْ لَا تَكُنْ بَخِيلًا مَنُوعًا لَا تُعْطِي أَحَدًا شَيْئًا، كَمَا قَالَتِ الْيَهُودُ عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ الله (يَدُ الله مَغْلُولَةٌ) أَيْ نَسَبُوهُ إِلَى الْبُخْلِ، تَعَالَى وَتَقَدَّسَ الْكَرِيمُ الْوَهَّابُ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ أَيْ وَلَا تُسْرِفْ فِي الْإِنْفَاقِ فَتُعْطِيَ فَوْقَ طَاقَتِكَ، وَتُخْرِجَ أَكْثَرَ مِنْ دَخْلِكَ ﴿فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً﴾، وَهَذَا مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ، أَيْ فَتَقْعُدَ إن


الصفحة التالية
Icon