ذَهَبًا، فَقُلْتُ: لَا يَا رَبِّ وَلَكِنْ أَشْبَعُ يوماً وأجوع يوماً - أو نحو ذلك - فإن جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ، وَإِذَا شَبِعْتُ حَمِدْتُكَ وشكرتك" (رواه أحمد والترمذي، وقال الترمذي: حديث حسن).
- ٩٤ - وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَآءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً
- ٩٥ - قُل لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً
يَقُولُ تَعَالَى: ﴿وَمَآ مَنَعَ النَّاسَ﴾ أَيْ أَكْثَرَهُمْ، ﴿أَن يُؤْمِنُوا﴾ وَيُتَابِعُوا الرُّسُلَ، إِلَّا اسْتِعْجَابُهُمْ من بعثة الْبَشَرَ رُسُلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ﴾؟ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أبشرا يهدوننا﴾ الآية. وَقَالَ فِرْعَوْنُ وَمَلَؤُهُ: ﴿أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عابدون﴾؟ وَكَذَلِكَ قَالَتِ الْأُمَمِ لِرُسُلِهِمْ: ﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مبين﴾، وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُنَبِّهًا عَلَى لُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ، إِنَّهُ يَبْعَثُ إِلَيْهِمُ الرَّسُولَ مِنْ جِنْسِهِمْ، لِيَفْقَهُوا عَنْهُ وَيَفْهَمُوا مِنْهُ، لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ مُخَاطَبَتِهِ وَمُكَالَمَتِهِ، وَلَوْ بَعَثَ إِلَى الْبَشَرِ رَسُولًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَمَا اسْتَطَاعُوا مُوَاجَهَتَهُ، وَلَا الْأَخْذَ عَنْهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تكونوا تعلمون﴾، ولهذا قال ههنا: ﴿قُل لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ﴾ أَيْ كَمَا أَنْتُمْ فِيهَا ﴿لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً﴾ أَيْ مِنْ جِنْسِهِمْ، وَلَمَّا كُنْتُمْ أَنْتُمْ بَشَرًا بَعَثْنَا فِيكُمْ رُسُلَنَا مِنْكُمْ لُطْفًا وَرَحْمَةً.
- ٩٦ - قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا
يَقُولُ تَعَالَى مُرْشِدًا نبيّه ﷺ إِلَى الْحُجَّةِ عَلَى قَوْمِهِ، فِي صِدْقِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ أَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ، عَالِمٌ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ، فَلَوْ كُنْتُ كَاذِبًا عَلَيْهِ لانتقم مِنِّي أَشَدَّ الِانْتِقَامِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين﴾. وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً﴾: أَيْ عليماً بهم، بمن يستحق الإنعام والإحسان والهداية، من يَسْتَحِقُّ الشَّقَاءَ وَالْإِضْلَالَ وَالْإِزَاغَةَ، وَلِهَذَا قَالَ:
- ٩٧ - وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ تَصَرُّفِهِ فِي خَلْقِهِ وَنُفُوذِ حُكْمِهِ، وَأَنَّهُ لَا مُعَقِّبَ لَهُ بِأَنَّهُ مَنْ يَهْدِهِ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِهِ، أَيْ يَهْدُونَهُمْ، كَمَا قَالَ: ﴿مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِدًا﴾، وقوله: ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القيامة على وُجُوهِهِمْ﴾، عن أنَس بن مالك: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُحْشَرُ