خِيَانَةً فانبذ إِلَيْهِمْ على سواء}، أي ليكن عملك وعملهم بنذ العهود على السواء وهكذا ههنا ﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَآءٍ﴾ أَيْ أَعْلَمْتُكُمْ بِبَرَاءَتِي مِنْكُمْ وَبَرَاءَتِكُمْ مِنِّي لِعِلْمِي بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ﴾ أَيْ هُوَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ وَلَكِنْ لَا عِلْمَ لِي بِقُرْبِهِ وَلَا بِبُعْدِهِ، ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ﴾ أَيْ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ جَمِيعَهُ، وَيَعْلَمُ مَا يُظْهِرُهُ الْعِبَادُ وَمَا يُسِرُّونَ، يَعْلَمُ الظَّوَاهِرَ وَالضَّمَائِرَ، وَيَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، وَيَعْلَمُ مَا الْعِبَادُ عَامِلُونَ فِي أَجْهَارِهِمْ وَأَسْرَارِهِمْ، وَسَيَجْزِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ الْقَلِيلِ وَالْجَلِيلِ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ أَيْ وَمَا أَدْرِي لَعَلَّ هَذَا فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: لَعَلَّ تَأْخِيرَ ذَلِكَ عَنْكُمْ فتنة لكم ومتاع إلى أجل مسمى (وحكي هذا القول عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)، ﴿قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ أَيِ افْصِلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قومنا المذكبين بالحق، قال قتادة: كانت الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَقُولُونَ: ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الفاتحين﴾، وَأَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ. وَعَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا شهد غزاة قَالَ: ﴿رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ﴾، وَقَوْلُهُ: ﴿وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ أَيْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَيَفْتَرُونَ مِنَ الْكَذِبِ، وَيَتَنَوَّعُونَ فِي مَقَامَاتِ التَّكْذِيبِ وَالْإِفْكِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ.