الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «﴿وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ قَالَ تَشْوِيهِ النَّارُ، فَتُقَلِّصُ شَفَتَهُ الْعُلْيَا حَتَّى تَبْلُغَ وَسَطَ رَأْسِهِ وتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته» (أخرجه أحمد والترمذي، وقال الترمذي: حسن غريب).
- ١٠٥ - أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تَكْذِبُونَ
- ١٠٦ - قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ
- ١٠٧ - رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ
هذا تقريع من الله وتوبيخ لأهل النار على ما ارتكبوه مِنَ الْكَفْرِ وَالْمَآثِمِ، وَالْمَحَارِمِ وَالْعَظَائِمِ الَّتِي أَوْبَقَتْهُمْ في ذلك فقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ أَيْ قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمُ الرُّسُلَ وَأَنْزَلْتُ إليكم الْكُتُبَ وَأَزَلْتُ شُبَهَكُمْ وَلَمْ يَبْقَ لَكُمْ حُجَّةٌ، كما قال تعالى: ﴿لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرسل﴾، وَقَالَ: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾، ولهذا قال: ﴿رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ﴾ أَيْ قَدْ قَامَتْ عَلَيْنَا الْحُجَّةُ وَلَكِنْ كُنَّا أَشْقَى مِنْ أَنْ نَنْقَادَ لَهَا وَنَتَّبِعَهَا فَضَلَلْنَا عَنْهَا وَلَمْ نُرْزَقْهَا، ثُمَّ قَالُوا: ﴿رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ أي أرددنا إلى الدُّنْيَا فَإِنْ عُدْنَا إِلَى مَا سَلَفَ مِنَّا فنحن ظالمون مستحقون للعقوبة، كما قال: ﴿فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ﴾؟ أَيْ لَا سَبِيلَ إِلَى الْخُرُوجِ لِأَنَّكُمْ كُنْتُمْ تشركون بالله إذا وحده المؤمنون.
- ١٠٨ - قال اخسؤوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ
- ١٠٩ - إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ
- ١١٠ - فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ
- ١١١ - إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ
هَذَا جَوَابٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْكُفَّارِ إِذَا سَأَلُوا الْخُرُوجَ مِنَ النَّارِ، وَالرَّجْعَةَ إِلَى هَذِهِ الدَّارِ. يَقُولُ: ﴿اخسؤوا فِيهَا﴾ أَيِ امْكُثُوا فِيهَا صَاغِرِينَ مُهَانِينَ أَذِلَّاءَ ﴿وَلاَ تُكَلِّمُونِ﴾ أَيْ لَا تَعُودُوا إِلَى سُؤَالِكُمْ هَذَا فَإِنَّهُ لَا جَوَابَ لَكُمْ عِنْدِي، قَالَ ابن عباس ﴿اخسؤوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ﴾ قَالَ: هَذَا قَوْلُ الرَّحْمَنِ حين انقطع كلامهم منه. وروى ابن أبي حاتم: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: إِنَّ أَهَّلَ جَهَنَّمَ يَدْعُونَ مَالِكًا فَلَا يُجِيبُهُمْ أَرْبَعِينَ عَامًا، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ، قَالَ: هَانَتْ دَعْوَتُهُمْ وَاللَّهِ عَلَى (مَالِكٍ) وَرَبِّ مَالِكٍ؛ ثُمَّ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ فَيَقُولُونَ: ﴿رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ * رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ قَالَ: فَيَسْكُتُ عَنْهُمْ قدر الدنيا مرتين، ثم يرد عليهم: ﴿اخسؤوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ﴾ قال: فوالله مَا نَبَسَ الْقَوْمُ بَعْدَهَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَا هُوَ إِلاَّ الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، قَالَ: فَشُبِّهَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِأَصْوَاتِ الْحَمِيرِ أَوَّلُهَا زَفِيرٌ وآخرها شهيق، وقال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تعالى أن لا يُخْرِجَ مِنْهُمْ أَحَدًا يَعْنِي مِنْ جَهَنَّمَ غيَّر وُجُوهَهُمْ وَأَلْوَانَهُمْ، فَيَجِيءُ الرَّجُلُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَيَشْفَعُ، فيقول: يا رب، فيقول الله من عرف أحداً فليخرجه، فيجيء الرجل من المؤمنين فينظر، فلا يعرف أحداً فيناديه الرجل: يا فلان أَنَا فُلَانٌ، فَيَقُولُ: مَا أَعْرِفُكَ، قَالَ: فَعِنْدَ ذلك يَقُولُونَ: ﴿رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ فعند ذلك يقول الله تعالى: ﴿اخسؤوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ﴾ فإذا قال ذلك أطبقت عليهم النار فلا يخرج منهم أحد (أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن مسعود موقوفاً)؛ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى