من الله، فإني لَا أُغْنِي عَنْكُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، سَلَانِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمَا» (تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هذا الوجه الإمام أحمد) وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا بَنِي قُصَيٍّ، يَا بَنِي هَاشِمٍ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، أَنَا النَّذِيرُ، وَالْمَوْتُ المغير، والساعة الموعد» (أخرجه الحافظ أبو يعلى)، الحديث الرابع: قال الإمام أحمد عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ وَزُهَيْرِ بْنِ عَمْرٍو قَالَا: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضْمَةً مِنْ جَبَلٍ عَلَى أَعْلَاهَا حَجَرٌ فَجَعَلَ يُنَادِي: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ إِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ، إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَرَجُلٍ رَأَى الْعَدُوَّ فَذَهَبَ يربأ أهله رجاء أَنْ يَسْبِقُوهُ فَجَعَلَ يُنَادِي وَيَهْتِفُ يَا صَبَاحَاهُ» (أخرجه مسلم والنسائي والإمام أحمد)؟.
وقوله تعالى: ﴿وَتَوكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ أَيْ فِي جَمِيعِ أمورك فإنه مؤيدك وحافظك وناصرك ومظفرك ومعلي كلمتك، وقوله تعالى: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾ أَيْ هُوَ مُعْتَنٍ بك، كما قال تعالى: ﴿فاصبر لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بأعيننا﴾، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾: يَعْنِي إِلَى الصَّلَاةِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَرَى قِيَامَهُ وركوعه وسجوده، وقال الحسن: إذا صليت وحدك، وقال الضحاك: أَيْ مِنْ فِرَاشِكَ أَوْ مَجْلِسِكَ، وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿الَّذِي يَرَاكَ﴾ قَائِمًا وَجَالِسًا وَعَلَى حَالَاتِكَ، وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾، قَالَ قَتَادَةُ: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ قَالَ: فِي الصلاة يراك وحدك ويراك في الجمع. وعن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: يَعْنِي تَقَلُّبَهُ مِنْ صُلْبِ نَبِيٍّ إِلَى صُلْبِ نبي، حتى أخرجه نبياً، وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ أَيِ السَّمِيعُ لِأَقْوَالِ عِبَادِهِ، الْعَلِيمُ بِحَرَكَاتِهِمْ وَسَكَنَاتِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ الْآيَةَ.
- ٢٢١ - هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ
- ٢٢٢ - تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ
- ٢٢٣ - يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ
- ٢٢٤ - وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ
- ٢٢٥ - أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ
- ٢٢٦ - وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ
- ٢٢٧ - إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمْ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ
يَقُولُ تَعَالَى مُخَاطِبًا لِمَنْ زَعَمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أن مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس بحق، وَأَنَّهُ شَيْءٌ افْتَعَلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، أَوْ أنه أتاه به رِئي الجان، فنزه الله سبحانه وتعالى جَنَابَ رَسُولِهِ عَنْ قَوْلِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ، وَنَبَّهَ أَنَّ ما جاء به إنما هو مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ تَنْزِيلُهُ وَوَحْيُهُ نَزَلَ بِهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ أَمِينٌ عَظِيمٌ، وَأَنَّهُ لَيْسَ من قبل الشَّيَاطِينِ، فَإِنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ رَغْبَةٌ فِي مِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَإِنَّمَا يَنْزِلُونَ عَلَى مَنْ يُشَاكِلُهُمْ وَيُشَابِهُهُمْ مِنَ الْكُهَّانِ الْكَذَبَةِ. وَلِهَذَا قَالَ الله تعالى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ﴾ أَيْ أُخْبِرُكُمْ ﴿عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ أَيْ كذوب في قوله وهو الأفاك ﴿أَثِيمٍ﴾ وهو الْفَاجِرُ فِي أَفْعَالِهِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي تَنَزَّلُ عليه الشياطين من الكهان وَمَا جَرَى مَجْرَاهُمْ مِنَ الْكَذَبَةِ الْفَسَقَةِ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ أَيْضًا كَذَبَةٌ فَسَقَةٌ ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ أَيْ يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ مِنَ السَّمَاءِ فَيَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ، فَيَزِيدُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ثُمَّ يلقونها إلى أوليائهم من الإنس، فيحدثون بِهَا فَيُصَدِّقُهُمُ النَّاسُ فِي كُلِّ مَا قَالُوهُ بسبب