فإن نفع العلم بدرايته لا بوراثته١ وبمعرفة أغواره٢ لا بروايته٣ وأصل الفساد الداخل على عموم العلماء تقليد سابقيهم، وتسليم الأمر إلى معظميهم، من غير بحث عما صنفوه ولا طلب للدليل عما ألفوه. وإني رأيت كثيراً من المتقدمين على كتاب الله عزوجل بآرائهم الفاسدة، وقد دسوا في تصانيفهم للتفسير أحاديث باطلة وتبعهم على ذلك مقلدوهم، فشاع ذلك وانتشر، فرأيت العناية بتهذيب علم التفسير عن الأغاليط من اللازم.
وقد ألفت كتاباً كبيراً سميته بـ: (المغني في التفسير) ٤ يكفي عن جنسه، وألفت كتاباً متوسط الحجم مقنعاً في ذلك العلم سميته (زاد

١ في (هـ): لا بدراشته بالدال والشين المعجمة، وهوتصحيف.
٢ الأغوار، جمع غور بالفتح، من كل شيء قعره، يقال: عارف بالأمور وغار في الأمر، إذا دقق النظر فيه. انظر: المصباح المنير ٢/ ١١٥.
٣ في (هـ): لا بزاويته، وهو تصحيف.
٤ ذكره ابن رجب في الذيل١/ ٤١٦، بعنوان: (كتاب المغني في التفسير) وقال: إنه (٨١) جزءاً، وذكره كحالة في معجم المؤلفين٥/ ١٥٧ بعنوان: (المغني في علم القرآن). وعده العلوجي في مؤلفات ابن الجوزي ٢١٩) من الآثار الضائعة أو التي يحتمل ضياعها، وقال: ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام بعنوان: (المغني في علم القرآن).
وأمّا ما ذكره العلوجي كتاباً آخر باسم (المعين في علم التفسير) وأنه يقع ٨١) جزءاً معزياً ذلك إلى سبط ابن الجوزي، فيغلب ظني أنه الكتاب الذي ذكره المؤلّف هنا. ولعله تحريف من المغني بدليل أن سبط ابن الجوزي لم يذكر كتاباً آخر باسم المغني مع أنه في مقدمة كتب التفسير لجدّه، وبدليل أنالم نجد في ثبت مؤلفات ابن الجوزي الذي كتبه هو بخطه، والذي رواه عنه تلميذه القطيعي، كتاباً بهذا الاسم، إنما وجدنا اسم هذا الكتاب الذي ذكره المؤلِّف هنا، وهو (المغني في التفسير) انظر: الذيل لابن رجب١/ ٤١٦.


الصفحة التالية
Icon