فَصْلٌ: فَأَمَّا (الأَخْبَارُ) ١ فَهِيَ عَلَى ضربين:
أحدهما: مَا كَانَ لَفْظُهُ لَفْظُ الْخَبَرِ، وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الأَمْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لا يَمَسُّهُ إِلاّ الْمُطَهَّرُونَ﴾ ٢، فَهَذَا لاحِقٌ بِخِطَابِ التَّكْلِيفِ فِي جَوَازِ النَّسْخِ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: الْخَبَرُ الْخَالِصُ، فَلا يَجُوزُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْكَذِبِ وَذَلِكَ مُحَالٌ. وَقَدْ حَكَى جَوَازَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ٣ وَالسُّدِّيِّ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: وهذا القول عظيم جداً يؤول إِلَى الْكُفْرِ، لِأَنَّ قَائِلا لَوْ قَالَ: قَامَ فُلانٌ ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَقُمْ، فَقَالَ: نَسَخْتُهُ لَكَانَ كاذباً٤.

١ في (هـ): الاجبار، وهو تصحيف.
٢ الآية (٧٩) من سورة الواقعة.
٣ ذكر هذا القول ابن خزيمة الفارسي في ناسخه المطبوع مع الناسخ والمنسوخ للنحاس ص: ٢٦٣، عن ابن زيد وجماعة، ثم قال: ولا حجة لهم في ذلك من الرواية.
وأما عبد الرحمن، فهو: ابن زيد بن أسلم العدوي مولاهم المدني، قال ابن حبان: كان يقلب الأخبار، وهو لا يعلم حتى كثر ذلك قي روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف فاستحق الترك. وقال أبو داود. أنا لا أحدث عن عبد الرحمن. وقال ابن الجوزي: أجمعوا على ضعفه. قال البخاري: قال لي إبراهيم بن حمزة مات سنة (٨٢ ١) هـ. انظر: التهذيب٦/ ١٧٨.
٤ انظر نص كلام النحاس في كتابه الناسخ والمنسوخ ص: ٣.
يقول ابن جرير الطبري وهو يفسر آية ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ ١٠٦ البقرة: "يعني جل ثناؤه بقوله: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ﴾ ما ننسخ من حكم آية إلى غيره فنبدله ونغيره وذلك أن يحول الحلال حراماً، والحرام حلالاً، والمباح محظوراً، والمحظور مباحاً، ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي، والحظر والإطلاق، والمنع والإباحة فأما الأخبار، فلا يكون فيها ناسخ، ولا منسوخ" انظر: جامع البيان١/ ٣٧٨.


الصفحة التالية
Icon