الْبَابُ الْخَامِسُ: بَابُ ذِكْرِ مَا اخْتُلِفَ [فِيهِ] ١
هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي النَّسْخِ أَمْ لا؟
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ، فَأَمَّا نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ، فَالسُّنَّةُ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ:
أحدهما: مَا ثَبَتَ بِنَقْلٍ مُتَوَاتِرٍ، كَنَقْلِ الْقُرْآنِ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُنْسَخَ القرآن هَذَا حَكَى فِيهِ شَيْخُنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ رِوَايَتَيْنِ عَنْ أحمد٢ قال: والمشهور لا يَجُوزُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ٣ والشافعي٤، والرواية الثانية

١ ساقطة من (هـ).
٢ وهو الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الوائلي إمام المذهب الحنبلي أصله من مرو وكان أبوه والي سرخس، ولد ببغداد سنة: ١٦٤هـ، وسافر لطلب العلم إلى البلدان النائية العديدة، وصنف المسند الذي يحتوي على ثلاثين ألف حديث، وله مؤلفات قيمة منها الناسخ والمنسوخ، رواه عنه ولده عبد الله. وتوفي رحمه الله سنة: ٢٤١هـ. انظر: تهذيب التهذيب١/ ٧٢ - ٧٦؛ وتاريخ بغداد٤/ ٤١٢؛ ووفيات الأعيان ١/ ٨٧؛ ودائرة المعارف الإسلامية٤٩١، ٤٩٦؛ والبداية والنهاية١/ ٣٢.
٣ أما الثوري؛ فهو: سفيان بن سعيد بن مرزوق الثوري، أبو هبة الله الكوفي، إمام شهير ورع، قال الخطيب: كان إماماً من أئمة المسلمين، وعلماً من أعلام الدين مجمع على إمامته معروف بالحفظ والضبط والمعرفة والزهد، ولد سنة: ٩٧هـ وتوفي سنة: ١٦١هـ بالبصرة. انظر: التهذيب٤/ ١١١ - ١١٥؛ وتذكرة الحفاظ ٢٠٣ - ٢٠٤.
٤ انظر ما قاله الإمام الشافعي في رسالته ١٠٦ - ١١٠، بتحقيق أحمد شاكر. وقد روى ابن حازم عن الشافعي وأحمد رحمهما الله بسند متصل إليهما عدم جواز نسخ القرآن بالسنة، في كتابه: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار ٢٨ - ٢٩.
وأمّا الشافعي؛ فهو: الإمام الكبير المجتهد النحرير صاحب المذهب المعروف باسمه محمد ابن إدريس المطلبي الشافعي القرشي المكي أبو عبد الله نزيل مصر ولد سنة: ١٥٠ للهجرة، يوم وفاة الإمام الأعظم أبي حنيفة الكوفي. قال أحمد: إن الله يقيض للناس في كل رأس مائة سنة من يعلمهم السنن وينفي عن رسول الله ﷺ الكذب، فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي المائتين الشافعي وهو من أوّل من تكلم في النسخ ضمن مؤلفاته، توفي سنة ٢٠٤هـ. انظر: التهذيب ٩/ ٢٥ - ٣١، وطبقات الشافعية١/ ١٧٥؛ وكتاب الشافعي حياته وعصرهللأستاذ أبي زهرة.


الصفحة التالية
Icon