الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} ١ بأمره عليه السلام، أَنْ يُقْتَلَ ابْنُ خَطَلٍ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ٢ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، أَنَّ السُّنَّةَ مُفَسِّرَةٌ لِلْقُرْآنِ وَكَاشِفَةٌ لِمَا يَغْمُضُ مِنْ مَعْنَاهُ فَجَازَ أَنْ يُنْسَخَ بِهَا.
وَالْقَوْلُ الأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ تَجْرِي مَجْرَى الْبَيَانِ لِلْقُرْآنِ، (لا النَّسْخُ) ٣ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ٤ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: السُّنَّةُ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ، وَلا يَنْسَخُ الْقُرْآنَ إِلا الْقُرْآنُ. وَكَذَلِكَ قال الشَّافِعِيِّ: "إِنَّمَا يَنْسَخُ الْكِتَابَ الْكِتَابُ والسنة ليست ناسخة له"٥.

١ الآية ١١٩ من سورة البقرة.
كما رواه البخاري عن أنس بن مالك في باب أين وكز النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الراية يرم الفتح، واسم ابن خطل: عبد الله، هو رجل من بني تميم بن غالب، قاله ابن إسحاق. انظر: صحيح البخاري مع الفتح٩/ ٧٦؛ وسيرة بن هشام٣/ ٤١٠؛ والسيرة النبوية لابن كثير٣/ ٥٦٤.
٣ في (م) و (هـ): لا للنسخ، ولعل اللام الثاني زيادة من الناسخ.
٤ وهو سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي أبو داود إمام أهل الحديث في عصره توفي بالبصرة ٢٦٦هـ وقد روى عنه أبو بكر أحمد بن سليمان النجار كتاب الناسخ والمنسوخ وله عدة مؤلفات، منها: السنن. انظر: تذكرة الحفاظ٢/ ٥٩١ - ٥٩٣؛ وتاريخ بغداد٩/ ٥٥.
٥ يقول الإمام الشافعي في رسالته: "…وأبان الله لهم أنه إنما نسخ ما نسخ من الكتاب بالكتاب، وأن السنة لا ناسخة للكتاب وإنما هي تبع للكتاب بمثل ما نزل نصاً ومفسرة معنى ما أنزل الله منه مجملاً". انظر. الرسالة ص: ١٠٦، بتحقيق أحمد شاكر.
= ويرى الإمام ابن حزم الظاهري وغيره جواز نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن، لأن كل ذلك سواء في أنه وحي، وساق ابن حزم أدلة كثيرة على ذلك في باب الأخبار من كتابه: الإحكام في أصول الأحكام، وفند أدلة المعارضين في باب الكلام في النسخ منه. انظر. الكتاب المذكور٤/ ٤٧٧ - ٤٨٣.


الصفحة التالية
Icon