لِأَنَّ لَفْظَ الْآيَةِ لا يَتَضَمَّنُ مَا ذَكَرُوا وَإِنَّمَا يَتَضَمَّنُ مَدْحَ الْمُنْفِقِ، وَالظَّاهِرُ، أَنَّهَا تُشِيرُ إِلَى الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا قُرِنَتْ مَعَ الْإِيمَانِ بِالصَّلاةِ.
وَعَلَى هَذَا، لا وَجْهَ لِلنَّسْخِ (وَإِنْ كَانَتْ) ١ تُشِيرُ إِلَى الصَّدَقَاتِ النَّوَافِلِ وَالْحَثُّ عَلَيْهَا بَاقٍ، وَالَّذِي أَرَى، مَا بِهَا مَدْحٌ لَهُمْ عَلَى جَمِيعِ نَفَقَاتِهِمْ فِي الْوَاجِبِ وَالنَّفْلِ٢ وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ٣: نَسَخَتْ آيَةُ الزَّكَاةِ كُلَّ صَدَقَةٍ (كَانَتْ) قَبْلَهَا وَنَسَخَ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلَّ صَوْمٍ كَانَ قَبْلَهُ٤ وَالْمُرَادُ بِهَذَا كُلُّ صَدَقَةٍ وَجَبَتْ بِوُجُودِ الْمَالِ مرسلاً كهذه الآية٥.

١ في (هـ): والزكاة، وهو خطأ من الناسخ.
٢ أورد المؤلف هذه الآراء كلّها في تفسيره زاد المسير١/ ٢٦ عمن ذكر عنهم هنا، ثم قال بعد ذكر دعوى النسخ: (وغير هذا القول أثبت) وقال في مختصر عمدة الراسخ المخطوط ورقة (٢) بعد إيراد دعوى النسخ: (وهذا بعيد).
٣ هو: أبو جعفر المدني المخزومي اسمه: يزيد بن القعقاع، ثقة إمام أهل المدينة في القراءة روى عن مولاه عبد الله بن عياش بن ربيعة، وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم. وروى عنه نافع بن أبي نعيم القاري ومالك وآخرون أخرج له أبو داود في سننه، توفي سنة: ١٢٧هـ وقيل ١٣٠. انظر: التهذيب١٢/ ٥٨ - ٥٩.
٤ ذكر هذا القول هبة الله في ناسخه ص: ١١، عن يزيد بن القعقاع.
٥ اختار الإمام ابن جرير في جامع البيان١/ ٨١ بأن هذه الآية عامة في الزكاة والنفقات وأن أسلوبها مدح وثناء للمنفقين، فهو إذاً أسلوب خبر، وفي نسخ الأخبار تكذيب للمخبر، وتبعه في ذلك ابن العربي في أحكام القرآن١/ ١٠ - ١١؛ ولم يتعرض لدعوى النسخ في هذه الآية النحاس ومكي بن أبي طالب وابن حزم الأنصاري في نواسخهم.


الصفحة التالية
Icon