أحدهما: أَنَّهُ إِنْ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى﴾ إِلَى مَنْ كَانَ تَابِعًا لِنَبِيِّهِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ الْآخَرُ فَأُولَئِكَ عَلَى الصَّوَابِ وَإِنْ أُشِيرَ إِلَى مَنْ كَانَ فِي زَمَنِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ مِنْ ضَرُورَةِ مَنْ لَمْ يُبَدِّلْ دِينَهُ وَلَمْ يُحَرِّفْ أَنْ يُؤْمِنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتَّبِعَهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ خَبَرٌ وَالأَخْبَارُ لا يَدْخُلُهَا النَّسْخُ١.
ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ ٢.
جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّيِّئَةِ الشِّرْكُ٣ فَلا يَتَوَجَّهُ عَلَى هذا

١ أورد مكي بن أبي طالب هذه الآية في ناسخه ص ١٠٧، رعزا دعوى النسخ إلى ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة ثم قال: "والصواب أن تكون محكمة، لأنها خبر من الله بما يفعل بعباده الذين كانوا على أديانهم قبل مبعث النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا لا ينسخ، لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً من الأولين والآخرين" ولم يتعرض النحاس لدعوى النسخ أصلاً ورد المؤلف في مختصر عمدة الراسخ ورقة (٢) دعوى النسخ بمثل ما رد به هنا.
٢ الآية (٨١) من سورة البقرة.
٣ روى ابن جرير في جامع البيان١/ ٣٠٤ - ٣٠٥؛ هذا المعنى عن مجاهد وقتادة وأبي وائل وابن جريج والربيع، كما عزا المؤلف في زاد المسير١/ ١٥٨، هذا القول إلى ابن عباس وعكرمة ومجاهد وأبي العالية، وأبي وائل ومقاتل، وقد روى ابن أبي حاتم في تفسيره ورقة ٥٦، عن أبي هريرة ني قوله ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ قال: أحاطت به شركه، وفي تفسير سفيان الثوري ص ٧ ﴿مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً﴾ قال: "الشرك"، ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ قال: "كل عمل أوجب عليه النار".


الصفحة التالية
Icon