ذِكْرُ الْآيَةِ الْخَامِسَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا﴾ ١.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ لُغَةٌ فِي الأَنْصَارِ، وَهِيَ مِنْ رَاعَيْتُ الرَّجُلَ إِذَا تَأَمَّلْتُهُ وَتَعَرَّفْتُ أَحْوَالَهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَرْعِنِي (سَمْعَكَ) ٢ وكانت الأنصار تقولها لرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ بِلُغَةِ الْيَهُودِ سَبٌّ بِالرُّعُونَةِ٣ وَكَانُوا يَقُولُونَهَا لَهُ وَيَنْوُونَ بِهَا السَّبَّ فَنَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ قولها لئلا يقولها اليهود

١ الآية (١٠٤) من سورة البقرة.
٢ في (هـ): سمك، وهو خطأ.
معنى راعيت: الأمر، أي: نظرت في عاقبته، وراعيته: لاحظته، أرعيته سمعي: مثل أصغيت وزناً ومعنى، وأرعني سمعك. انظر: المصباح المنير ١/ ٢٤٧.
وقد أخرج الطبري عن ابن عباس ومجاهد والضحاك، أرعني سمعك أي: إسمع منا ونسمع منك. انظر: تفسير الطبري١/ ٣٧٣ - ٣٧٤.
٣ قال الحافظ في الفتح: "روى أبو نعيم في الدلائل بسند ضعيف، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: راعنا بلسان اليهود (السب القبيح، فسمع سعد بن معاذ ناساً من اليهود خاطبوا بها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (لئن سمعتها من أحد منكم لأضربن عنقه" وذكر نحوه السيوطي أيضاً في الدر المنثور. انظر: فتح الباري ٩/ ٢٢٩؛ والدر المنثرر١/ ١٠٣.
وقال الراغب في المفردات ص: ١٩٧ ﴿لا تَقُولُوا رَاعِنَا﴾ أي: وكان ذلك قولاً يقولونه للنبي ﷺ على سبيل التهكم يقصدون رميه بالرعونة، ويوهمون أنهم يقولون: راعنا، أي: احفظنا.


الصفحة التالية
Icon