ذِكْرَ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ النَّسْخُ لم أذكرها. قال أبوجعفر النَّحَّاسُ: "هِيَ نَاسِخَةٌ لِمَا كَانَ مباحاً قوله"١.
قُلْتُ: وَهَذَا تَحْرِيفٌ فِي الْقَوْلِ، لِأَنَّهُ إِذَا نُهِيَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تَكُنِ الشَّرِيعَةُ أَتَتْ بِهِ لَمْ يُسَمَّ النَّهْيُ نَسْخًا٢.
ذِكْرُ الْآيَةِ السَّادِسَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ ٣.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَمَرَ اللَّهُ بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِقِتَالِهِمْ، ثُمَّ نُسِخَ الْعَفْوُ وَالصَّفْحُ بِقَوْلِهِ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ الْآيَةَ٤، هَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما وغيرهما٥.
٢ لم يتعرض المؤلف لدعوى النسح في هذه الآية في مختصر عمدة الراسخ ولا في تفسيره. ونرى مكي ابن أبي طالب يورد دعوى النسخ عن عطاء ثم قال: قد كان حق هذا أن لايذكر في الناسخ والمنسوخ؛ لأنه لم ينسخ قرآناً. انظر: الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ١٠٧ - ١٠٨.
٣ الآية من سورة البقرة (١٠٩).
٤ الآية (٢٩) من سورة التوبة.
٥ أخرجه الطبري في جامع البيان١/ ٩٠، وابن أبي حاتم في تفسيره المخطوط١/ ٧٦، عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق علي بن أبي طلحة، وذكره السيوطي في الدر المنثور١/ ١٠٧ وزاد نسبته إلى ابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن ابن عباس.