فَصْلٌ: ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ، بِإِيجَابِ الْوَصِيَّةِ وَنَسْخِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فِي الْمَنْسُوخِ مِنَ الْآيَةِ عَلَى ثَلاثَةِ أقوال:
أحدها: أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْآيَةِ مِنْ إِيجَابِ الْوَصِيَّةِ مَنْسُوخٌ، قَالَهُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ، قَالَ: أبنا أبو الفضل ابن خَيْرُونُ، وَأَبُو طَاهِرٍ الْبَاقِلاوِيُّ، قَالا: أخبرنا بْنُ شَاذَانَ، قَالَ: أَبْنَا أَحْمَدُ ابْنُ كَامِلٍ، قَالَ: أَبْنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ﴾. قَالَ: "نَسَخَتِ الْفَرِيضَةُ الَّتِي لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين (الوصية) "١.

١ في (م): من الوصية، ولعل (من) زيادة من الناسخ، والصواب ما سجلت عن رواية الطبري، وقد روى الطبري هذا القول عن ابن عباس من طريق محمد بن سعد العوفي.
قلت: وإسناد الطبري كإسناد المؤلف مسلسل بالضعفاء، وقد أكثر المؤلف الرواية بهذا الإسناد في الكتاب، وهو مكون من أسرة واحدة كلها من الضعفاء حتى تنتهي إلى عطية ابن سعد العوفي، وهو مختلف فيه. قال ابن حبان في كتاب المجروحين٢/ ١٧٦ عنه: "فلا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب".
أما محمد بن سعد، فقال الخطيب عنه لين الحديث. انظر: تاريخ بغداد٥/ ٣٢٢ - ٣٢٣.
وأما أبوه فهو: سعد بن محمد بن الحسن العوفي ضعيف جداً. انظر: المصدر السابق ٩/ ١٢٦؛ ولسان الميزان ٣/ ١٩.
وأما عمه الحسين بن الحسن فقد ضعفه ابن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال ابن حبان في المجروحين: "منكر الحديث… ولا يجوز الاحتجاج بخبره" مات سنة٢٠١هـ. انظر. كتاب المجروحين لابن حبان ١/ ٢٤٦؛ وتاريخ بغداد٨/ ٢٦ - ٣٢؛ ولسان الميزان٢/ ٢٧٨.
وأما أبوه (أبو الحسين هذا) فهو: الحسن بن عطية بن سعد العوفي، وهو ضعيف أيضاً قال البخاري في التاريخ الكبير١/ ٢/٣٠١: (ليس بذاك). وقال أبوحاتم: "ضعيف الحديث" وقال ابن حبان: "يروي عن أبيه، روى عنه ابنه محمد بن الحسن، منكر الحديث فلا أدري البلبلة في أحاديثه منه أو من أبيه أومنهما معاً، لأن أباه ليس بشيء في الحديث وأكثر روايته عن أبيه، فمن هنا اشتبه أمره ووجب تركه". مات سنة ٢١١هـ. انظر: الجرح والتعديل٢/ ٣/٢٦؛ وكتاب المجروحين لابن حبان١/ ٢٣٤.
أما جده عطية بن جنادة، فهو مختلف فيه. قال أحمد: "ضعيف الحديث كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير". وقال أبو حاتم: "ضعيف الحديث يكتب حديثه". وضعفه ابن حبان في كتاب المجروحين.
وأما ابن سعد، فقال: "كان ثقة إن شاء الله، وله أحاديث صالحة، ومن الناس من لا يحتج به" مات عطية سنة: ١١٠هـ. انظر: التاريخ الكبير للبخاري١/ ٤/٩؛ وكتاب المجروحين٢/ ١٧٦؛ والجرح والتعديل٦/ ٣٨٢، وطبقات بن سعد ٦/ ٣٠٤.


الصفحة التالية
Icon