اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ هَلْ هي منسوخة أومحكمة؟
فَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي وُجُوبَ الْقِتَالِ عَلَى الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ خُوطِبُوا بِهَا، وَكُتِبَ بِمَعْنَى فُرِضَ ١.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ سألت عطاء، أَوَاجِبٌ الْغَزْوُ عَلَى النَّاسِ مِنْ أجل هذه الآية؟ فقال: لا، إِنَّمَا كُتِبَ عَلَى أُولَئِكَ حينئذٍ٢.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ سَأَلْتُ مُجَاهِدًا (هَلِ الْغَزْوُ وَاجِبٌ عَلَى النَّاسِ؟) ٣ فَقَالَ: لا. إِنَّمَا كُتِبَ عَلَيْهِمْ يومئذٍ٤.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ فِي نَاسِخِهَا عَلَى قولين:
أحدهما: أَنَّهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ ٥ قاله عكرمة٦.

١ فسر الطبري الآية بذلك، وجاء في تفسير ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير (كتب عليكم القتال) يعني فرض عليكم. وعن ابن شهاب قال: الجهاد مكتوب على كل أحد. انظر: جامع البيان ٢/ ٢٠٠ وتفسر ابن أبي حاتم المخطوط اورقة ١٤٨.
٢ أخرج نحوه الطبري في جامع البيان٢/ ٢٠٠، وابن أبي حاتم في المصدر السابق عن ابن جريج.
٣ في النسختين: (هل الغزو أواجب)، ولعل الاستفهام الثاني زيادة من الناسخ.
٤ أخرج الطبري نحوه في المصدر السابق عن الأوزاعي.
٥ الآية (٢٨٦) من سورة البقرة.
٦ ذكره الطبري عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، ثم قال: هذا قول لا معنى له. لأن نسخ الأحكام من الله لا من العباد، وهذا القول خبر لا نسخ منه، وذكر نحوه أيضاً عن عكرمة ابن أبي حاتم في المصدر السابق.


الصفحة التالية
Icon