وَقَالَ أَصْحَابُ الْقَوْلِ الثَّانِي: إِثْمُهُمَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا حينئذٍ أَيْضًا١ لِأَنَّ الْإِثْمَ الْحَادِثَ عَنْ شُرْبِهَا مِنْ تَرْكِ الصَّلاةِ وَالْإِفْسَادِ الْوَاقِعِ عَنِ السُّكْرِ لا يُوَازِي مَنْفَعَتَهَا الْحَاصِلَةَ مِنْ لَذَّةٍ أَوْ بَيْعٍ وَلَمَّا كَانَ الأَمْرُ محتملاً للتأويل، قال عمربن الْخَطَّابِ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ: اللَّهُمَّ بَيِّنَ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، وَعَلَى الْقَوْلِ الأَوَّلِ يتوجه النسخ بقوله تعالى فا [جتبوه] ٢.

١ ذكره المؤلف في المصدر نفسه وعزاه إلى ابن جبير أيضاً.
قلت: ويبدو كأن هنا تقديماً وتأخيراً في ربط القولين الأخيرين مع القولين السابقين، لأن أصحاب القول الأوّل لا يقولون بالتحريم، وإنما بالذم فلا يتفق هذا مع قوله. قَالُوا: إِثْمُهُمَا بَعْدُ التَّحْرِيمِ أَكْبَرُ من نفعهما قبله. والله أعلم.
وقد روى النحاس عن الضحاك بأن المنافع التي فيها إنما كانت قبل التحريم ثم نسخت وأزيلت. انظر: الناسخ والمنسوخ ص: ٣٩.
٢ الآية (٩٠) من سورة المائدة، وهي ساقطة من (ها).
قلت: أورد المؤلف في زاد المسير أقوال العلماء ونسب دعوى النسخ إلى جماعة من المفسرين فيه، وفي مختصر عمدة الراسخ ورقة (٤) بدون ترجيح.
وأما أبوجعفر النحاس في المصدر السابق ومكي ابن أبي طالب في الإيضاح ص: ١٣٩، فقد ذكرا عن أكثر العلماء أنها ناسخة لما كان مباحاً من شرب الخمر، واختار النحاس هذا القول مؤيداً رأيه بقول جماعة من الفقهاء، يقولون بتحريم الخمر بآيتين من القرآن، فالأولى آية ﴿فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾ والثانية ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ﴾ الأعراف (٣٣).


الصفحة التالية
Icon