ردّه على المتزهدين والمتصوفين:
في موضع آخر من صيد الخاطر عين فصولاً للرد على العزلة العمياء والمتزهدين فيقول: "فكم فوتت العزلة علمًا يصلح به أصل الدين، وكم أوقعت في بليته هلك بها الدين، وإنما عزلة العالم عن الشر فحسب"١.
ويقول في ذم المتزهدين والصوفية العمياء: "وإني أرى أكثر الناس قد حادوا عن الشريعة، وصار كلام المتزهدين كأنه شريعة لهم، فيقال: قال أبو طالب المكي: كان من السلف من يزن قوته بكربة فينقص كل يوم. وهذا شيء ما عرفه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، ولا أصحابه وإنما كانوا يأكلون دون الشبع. وما كانت سيرة رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وأصحابه على ما المتزهدون عليه اليوم.
فقد كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضحك ويمزح ويختار المستحسنات ويسابق عائشة رضي الله عنها، وكان يأكل اللحم ويحب الحلوى ويستعذب الماء وعلى هذا كانت طريقة أصحابه، فأظهر المتزهدون طرائق كأنها ابتداء شريعة، وكلها على غير الجادة"٢.

١ صيد الخاطر (١٣٢).
٢ صيد الخاطر (٤٧١ - ٤٧٢). انظر أيضاً في فصل (حماقة الصوفية في كراهية الدنيا) ص: ٢٥ - ٣٥، في صيد الخاطر.


الصفحة التالية
Icon