شجاعته في إظهار الحقّ:
كان لا يخاف في الله لومة اللائم، وكان يحضر في وعظة الرؤساء والخلفاء، وقد التفت مرة إلى ناحية الخليفة المستضيء العبّاس، وهو يخطب، فقال: يا أمير المؤمنين إن تكلمت، خفت منك وإن سكتّ خفت عليك، وإن قول القائل لك: اتق الله، خير لك من قوله: لكم أنتم أهل البيت مغفور لكم… وأضاف قائلاً: لقد كان عمر بن الخطاب يقول: إذا بلغني من عامل ظلم فلم أغيره فأنا الظالم١.
وهكذا دافع ابن الجوزي عن الحقّ بدون خوف لومة لائم وحارب البدع والمنكرات والتعصب في المذاهب والتقليد الأعمى، وقد كان يعترف بنجاحه في هذا المجال فيقول: "وظهر أقوام يتكلمون بالبدع ويتعصبون في المذاهب، فأعانني الله عزوجل عليهم وكانت كلمتنا هي العليا"٢.
محنته في سبيل الحقّ:
وقد امتحن ابن الجوزي رحمه الله، في آخر عمره، وذلك أن الوزير ابن يونس الحنبلي كان في ولايته قد عقد مجلسًا للركن عبد السلام ابن عبد الوهّاب بن عبد القادر الجيلي، وأحرقت كتبه. وكان فيها من الزندقة وعبادة النجوم ورأي الأوائل شيء كثير، وذلك بمحضر ابن

١ الذيل لابن رجب ١/ ٤٠٩، وتذكرة الحفاظ للذهبي، رقم الترجمة: (١٠٩٧).
٢ الذيل لابن رجب ١/ ٤٠٣.


الصفحة التالية
Icon