قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي داود: وبنا يعقوب بن سفيان، قال: بنا عبد الله ابن عثمان، قال: بنا عِيسَى بْنُ عُبَيْدٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: بنا عبيد الله مولى عمر ابن مُسْلِمٍ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ أخبره، قال: ﴿مَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ﴾ الآية نسخت فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً﴾ ١ الآيَةُ.
قُلْتُ: وَهَذَا مُقْتَضَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَعْنِي النَّسْخَ، لِأَنَّ الْمَشْهُورَ عَنْهُ أَنَّهُ لا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ الأَخْذُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ (عِنْدَ) ٢ الْحَاجَةِ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ، وَإِنْ أُخِذَ ضُمِنَ٣.
وَقَالَ قَوْمٌ: لَوْ أَدْرَكَتْهُ ضَرُورَةٌ جَازَ لَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَلا يَأْخُذُ مِنْ مال اليتيم شيئاً.

١ أخرج الجصاص أيضاً في المصدر السابق عن الضحاك من طريق عيسى بن عبيد الكندي كما ذكره السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٢٣، معزياً إلى أبي داود في ناسخه عن الضحاك.
٢ في (م): عن، وهو تحريف عما أثبت.
٣ ذكر الجصاص مثل هذه الآراء في المصدر السابق عن إماميه أبي حنيفة ومحمد.
قلت: مال المؤلف في زاد المسير٢/ ١٧، إلى إحكام هذه الآية، وقد ردّ ابن العربي دعوى النسخ هنا رداً عنيفاً حيث قال: (أما من قال: إنه منسوخ فهو بعيد لا أرضاه، لأن الله تعالى يقول: ﴿فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وهو الجائز الحسن، وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً﴾ فكيف ينسخ الظلم المعروف بل هو تأكيد له في التجويز، لأنه خارج عن مغاير له، وإذا كان المباح غير المحظور لم يصح دعوى النسخ فيه). انظر أحكام القرآن ١/ ٢٢٥.


الصفحة التالية
Icon