أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ ١.
وَهَذَا قَوْلٌ مَرْذُولٌ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا قِيلَ ﴿فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ لِإِصْرَارِهِمْ عَلَى النِّفَاقِ، فَأَمَّا إِذَا جَاءُوا فَاسْتَغْفَرُوا وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ، فَقَدِ ارْتَفَعَ الإِصْرَارُ فَلا وَجْهَ لِلنَّسْخِ٢.
ذِكْرُ الآيَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً﴾ ٣.
وَهَذِهِ الآيَةُ تَتَضَمَّنُ الأَمْرَ بِأَخْذِ الْحِذْرِ، وَالنَّدْبِ إِلَى أَنْ يَكُونُوا عصباً وَقْتَ نَفِيرِهِمْ، ذَوِي أَسْلِحَةٍ عِنْدَ بُرُوزِهِمْ إِلَى عَدُوِّهِمْ وَلا يَنْفِرُوا مُنْفَرِدِينَ٤ لِأَنَّ الثُّبَاتَ: الْجَمَاعَاتُ الْمُتَفَرِّقَةُ٥.

١ الآية (٨٥) من سورة التوبة.
٢ قلت: لم يتعرض لدعوى النسخ في هذه الآية أصحاب أمهات كتب النسخ ولا المفسرون لضعف ذلك، وإنما ذكره ابن سلامة في ناسخه ص: ٣٧ - ٣٨ بدون نسبته إلى أحد.
٣ الآية (٧١) من سورة النساء.
٤ أخرج الطبري في جامع البيان٥/ ١٠٥ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما من طريق علي بن أبي طلحة في قوله: ﴿فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ﴾ قال: عصباً يعني سراياً متفرقين، أو انفروا جميعاً يعني: كلكم. وذكره المؤلف في زاد المسير ٢/ ١٢٩، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٨٣، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما.
٥ نقل هذا القول المؤلف في المصدر السابق عن الزجاج.


الصفحة التالية
Icon