ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ ١.
زَعَمَ مَنْ لا فَهْمَ لَهُ، مِنْ نَاقِلِي التَّفْسِيرِ، أَنَّهَا نُسِخَتْ (بِالاسْتِثْنَاءِ) ٢ بَعْدَهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿إِلاّ الَّذِينَ تَابُوا﴾ ٣ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ لا يَكُونُ نَاسِخًا٤.
ذِكْرُ الآية الثالثة: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ﴾ الآيَةَ٥.
ذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّهُ نُسِخَ مِنْ حُكْمِ هَذَا النَّهْيِ الْعَامِّ حُكْمُ الْبُيُوتِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا أَهْلٌ يُسْتَأْذَنُونَ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ﴾ ٦.
٢ في (هـ): استثنى، وهو خطأ إملائي.
٣ الآية الخامسة من سورة النور.
٤ ذكر مكي بن أبي طالب: دعوى النسخ هنا عن أبي عبيدة وغيره، لأنها أوجبت ترك قبول شهادة القاذف على الأبد، ثم نسخه بقوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا﴾ ثم قال مكي: (وهذا عند جميع العلماء ليس بنسخ إنما هو استثناء بحرف الاستثناء، ولو وجب هذا لكان كل استثناء ناسخاً للمستثنى منه وهذا لا يقوله أحد) انتهى من الإيضاح ص: ٣١٧. وأما المؤلف فلم يذكر النسخ في مختصر عمدة الراسخ وإنما نقل ذلك بمعنى الاستثناء في تفسيره عن جماعة ثم رجح قول من قال: بأن الاستثناء يعود إلى جميع الآية، فإذا تاب القاذف ارتفع الفسق فتقبل شهادته، وهو قول الجمهور. انظر: زاد المسير ٦/ ١٢.
٥ الآية (٢٧) من سورة النور.
٦ الآية (٢٩) من سورة النور.