تَكْذِيبًا وَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى إِحْكَامِهَا، وَزَعَمَ قَوْمٌ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ١.
ذِكْرُ الآيَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ: وَهُمَا تَكْرَارُ الأوليين: ﴿وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ، وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾ ٢.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذَا تَكْرَارٌ لِمَا تَقَدَّمَ (تَوْكِيدٌ) ٣ لِوَعْدِهِ بِالْعَذَابِ، وَقَالَ ابن عقيل: الآيتان المتقدمتان عائدتان إِلَى أَذِيَّتِهِمْ لَهُ، وَصَدِّهِمْ لَهُ عَنِ الْعُمْرَةِ. وَالْحِينُ الأَوَّلُ: حِينُ الْفَتْحِ فَالْمَعْنَى: أَبْصِرْهُمْ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ، وَوَقَفُوا بَيْنَ يَدَيْكَ بِالذُّلِّ، وَطَلَبِ الْعَفْوِ، فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ عِزَّكَ وَذُلَّهُمْ عَلَى ضِدِّ مَا كَانَ، يَوْمَ الْقَضَاءِ.
وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي: ٤ ﴿وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ﴾ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَبْصِرْ مَا يَكُونُ مِنْ عَذَابِ الله لهم.

١ فسر المؤلف في زاد المسير٧/ ٩٣ - ٩٤، بقوله: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ أي: أعرض عن كفار مكة ﴿حَتَّى حِينٍ﴾ أي: حتى تنقضي مدة إمهالهم، وقال مجاهد: حتى نأمرك بالقتال، فعلى هذا الآية محكمة، وقال في رواية: حتى الموت، وكذلك قال قتادة. وقال ابن زيد: حتى القيامة فعلى هذا يَتَطَرَّقُ نَسْخُهَا، وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حيان نسختها آية القتال انتهى). وكذلك أورد في مختصر عمدة الراسخ ورقة (١١) قول قتادة وابن زيد وذكر النسخ بدون تعليق.
٢ الآية (١٧٨ - ١٧٩) من سورة الصافات.
٣ في (م): توكيداً، بالنصب.
٤ يقصد الحين الثاني.


الصفحة التالية
Icon