ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ ١.
لَيْسَ هَذَا بِأَمْرٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَهْدِيدٌ، وَهُوَ مُحْكَمٌ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ ٢ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ مَنْ لا فَهْمَ لَهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ٣. وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا، لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ أَمْرٌ، وَهَذَا ظَنٌّ فَاسِدٌ وَخَيَالٌ رَدِيءٌ٤.
ذِكْرُ الآيَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ، مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ ٥.
زَعَمَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ (أَنَّهُمَا نُسِخَتَا) ٦ بِآيَةِ السَّيْفِ، وَإِذَا كَانَ مَعْنَاهُمَا التَّهْدِيدُ وَالْوَعِيدُ، فَلا وَجْهَ لِلنَّسْخِ٧.
٢ الآية (٤٠) من سورة فصلت.
٣ ذكره ابن حزم في ناسخه (٣٦٠) وهبة الله في ناسخه (٧٧)، وابن هلال في ناسخه المخطوط، ورقة (٣١) ولم يتعرض له النحاس ومكي بن أبي طالب.
٤ قلت: لم يذكر المؤلف هذا القول في مختصر عمدة الراسخ، وأورده في زاد المسير ٧/ ١٦٩، ثم قال: وهذا باطل، لأنه لو كان أمراً كان منسوخاً فأما أن يكون بمعنى الوعيد فلا وجه لنسخه.
٥ الآيتان (٣٩ - ٤٠) من سورة الزمر.
٦ في (هـ): أنها نسخت بالإفراد، وهو خطأ من الناسخ.
٧ ذكر مكي بن أبي طالب قول النسخ هنا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، ثم قال: وهذا تهديد ووعيد لا يحسن نسخه، وكذا قال المؤلف في مختصر عمدة الراسخ ورقة (١١)، وأما في تفسيره ٧/ ١٨٥ فذكر النسخ بدون تعليق.