وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُحْكَمٌ، لِأَنَّهُ خَبَرٌ قَالَهُ قَتَادَةُ١، (وَوَجَّهَهُ) ٢ مَا بَيَّنَّاهُ فِي نَظِيرِهَا فِي آلِ عِمْرَانَ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾ ٣.
ذِكْرُ الْآيَةِ الْخَامِسَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ ٤
للمفسرين فيها قولان:
أحدهما: أَنَّ هَذَا الاسْتِثْنَاءَ مِنَ الْجِنْسِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ سَائِلا أَجْرًا، وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى ثُمَّ قَالَ: نُسِخَتْ هَذِهِ الآيَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ﴾ ٥ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مُقَاتِلٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ غَيْرِ الأَوَّلِ، لأن الأنبياء لا يسألون عن تَبْلِيغِهِمْ أَجْرًا، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى: لَكِنِّي أُذَكِّرُكُمُ الْمَوْدَّةَ فِي الْقُرْبَى، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى جَمَاعَةٌ عَنِ ابن عباس، منهم طاؤس والعوفي٦.
٢ في النسختين هاء الضمير ساقطة في كلمة ووجهه، كملتها ليتضح المعنى.
٣ انظر إن شئت مناقشة الآية (١٤٥) من آل عمران، وقد رد المؤلف في تفسيره ومختصر عمدة الراسخ ورقة (١٢) قول النسخ في هذه الآية وأثبت فيها الإحكام، وهو اختيار النحاس ومكي بن أبي طالب.
٤ الآية (٢٣) من سورة الشورى.
٥ الآية (٤٧) من سبأ، وقد أخطأ الناسخ في نقل هذه الآية في (هـ)، وأما هذا القول فقد رواه النحاس بسند ضعيف عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. انظر: الناسخ والمنسوخ (٢١٦).
٦ أورد الطبري في جامع البيان ٢٥/ ٢٥ هذا المعنى عن ابن عباس من طريق العوفي.