ذلك ماشيا في جميع ذلك على طريقة المحققين كالشيخ العلامة أبي الخير محمد ابن محمد بن محمد بن الجزري الحافظ رحمه الله من تحرير الطرق وعدم القراءة بما شذ وبما لا يوجد كما يفعله كثير من المتساهلين القارئين بما يقتضيه الضرب الحسابي فإن ذلك غير مخلص عند الله عزّ وجلّ وكان شيخنا رحمه الله يحذرني من ذلك كثيرا ويقول ما معناه: إياك أن تميل إلى الراحة والبطالة وتقرأ كتاب الله بما يقتضيه الضرب الحسابي كما يفعله أهل الكسل وأظنه أنه أخذ عليّ عهدا بذلك حرصا منه رحمه الله على إتقان كتاب الله وهذا هو الحق الذي لا ينبغي للمؤمن أن يحيد عنه وسميته «غيث النفع في القراءات السبع» والله أسأل أن يبلغ به المنافع، ويجعل الناظر فيه ممن
يسابق إلى الخيرات ويسارع، وأن يرينا بركته وقت حولنا في رمسنا وانتقالنا إليه وسوقنا إلى المحشر ووقوفنا بين يديه. ولنذكر قبل الشروع في المقصود فوائد تشتد الحاجة إلى معرفتها:
الأولى: تواتر عن النبي- صلى الله عليه وسلّم- أنه قال: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» قاله لعمر لما جاءه بهشام بن حكيم وقد لببه بردائه أي جعله في عنقه وجره منه لما سمعه يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأها له رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- وكان أوّلا أتاه جبريل فقال له: «إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف واحد فقال أسأل الله معافاته ومعونته وإن أمتى لا تطيق ذلك ثم أتاه الثانية على حرفين فقال له مثل ذلك ثم أتاه الثالثة بثلاثة فقال له مثل ذلك ثم أتاه الرابعة فقال له إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا» واختلفوا في المراد بهذه الأحرف السبعة على نحو من أربعين قولا واضطربوا في ذلك اضطرابا كثيرا حتى أفرده العلامة أبو شامة بالتأليف مع إجماعهم إلا خلافا لا يعتد به على أنه ليس المراد أن كل كلمة تقرأ على سبعة أوجه إذ لا يوجد ذلك إلا في