متأسيا فليتأس بأصحاب محمد- صلى الله عليه وسلّم- فإنهم كانوا أبر هذه الأئمة قلوبا وأعلمها علما وأقلها تكلفا وأقومها هديا وأحسنها حالا اختارهم الله لصحبة نبيه- صلى الله عليه وسلّم- وإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم» انتهى.
وانظر إلى توقف أفضل هذه الأمة بعد نبينا محمد- صلى الله عليه وسلّم- أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- أجمعين في جمع القرآن وكتبه في المصاحف وأشفقوا من ذلك مع أنه يظهر ببادئ الرأي أنه حق وصواب إذ لولا جمعه وحفظه لذهب هذا الدين نعوذ بالله من ذلك وتوقف كثير من أئمة التابعين وتابعيهم في نقطه وشكله وكتب أعشاره وفواتح سوره، وبعضهم أنكر ذلك وأمر بمحوه مع أن فيه مصلحة عظيمة للصغار، ومن لم يقرأ من الكبار في زمانهم وفي زماننا لكل الناس فإذا كان أعلم الناس وأفضلهم توقفوا في مثل هذا وخافوا أن يكون ذلك حدثا أحدثوه بعد نبيهم- صلى الله عليه وسلّم- فما بالك بأمر لا يترتب عليه كبير نفع وربما يترتب عليه الفساد والغلط والتخليط والداعي إليه النفس لتحصيل حظوظها من الراحة وتقصير زمن العبادة جنح إلى هذا الكسالى والمقصرون ووافقهم على ذلك شفقة عليهم وخوفا من انسلاخهم من الخير بالكلية الأئمة المجتهدون المشمرون والمتنزل لا يستدل بفعله فيما تنزل فيه.