برونق التلاوة ولو أمكن لأحدهم الجمع على غير هذه المذاهب الثلاثة التي ذكرناها مع مراعاة شروط الجمع الأربعة وهي رعاية الوقف والابتداء وحسن الأداء وعدم التركيب لما منع.
الثامنة: لا بد لكل من أراد أن يقرأ بمضمن كتاب أن يحفظه على ظهر قلبه ليستحضر به اختلاف القراء أصلا وفرشا ويميز قراءة كل قارئ بانفراده وإلا فيقع له من التخليط والفساد كثير فإن أراد القراءة بمضمن كتاب آخر فلا بد من حفظه أيضا نعم إن كان لا يزيد على الكتاب الذي يحفظه إلا بشيء قليل يوقن من نفسه بحفظه واستحضاره فلا بأس بالقراءة بمضمنه من غير حفظ وكان أهل الصدر لا يزيدون القارئ على عشر آيات قال الخاقاني:

وحكمك بالتّحقيق إن كنت آخذا على أحد أن لا تزيد على عشر
وكان من بعدهم لا يتقيد بذلك بل يعتبر حال القارئ من القوة والضعف واختاره السخاوي واستدل له بأن ابن مسعود- رضي الله عنه- قرأ على النبي- صلى الله عليه وسلّم- في مجلس واحد من أول سورة النساء إلى قوله: وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً وارتضاه ابن الجزري قال وفعله كثير من سلفنا واعتمد عليه كثير ممن أدركناه من أئمتنا قال الإمام يعقوب الحضرمي: قرأت القرآن في سنة ونصف على سلام، وقرأت على شهاب الدين بن شريفة في خمسة أيام وقرأ شهاب على مسلمة بن محارب في تسعة أيام، ولما رحل ابن مؤمن إلى الصائغ قرأ عليه القراءات جمعا بعدة كتب في سبعة عشر يوما، ولما رحلت أولا إلى الديار المصرية وأدركني السفر كنت وصلت في ختمة بالجمع إلى سورة الحجر على شيخنا ابن الصائغ فابتدأت عليه من أول الحجر يوم السبت وختمت ليلة الخميس في تلك الجمعة وآخر ما بقي لي من أول الواقعة فقرأته عليه في مجلس واحد انتهى. وأخبرني شيخنا رحمه الله أنه قرأ على شيخه بالمغرب الأستاذ عبد الرحمن ابن القاضي


الصفحة التالية
Icon