رأيا فاسدا واضح البطلان وهو أن القراءات كلها آحاد ولا متواتر فيها، ولذلك يطلق عنان القلم في تخطئة القراءة في بعض المواضع ولا يبالي بما يقول وما زعم أنه سمج مردود وهو فصيح شائع وأدلة ذلك من الشعر كثيرة ذكرها إمام النحاة أبو عبد الله محمد بن مالك في شرح الكافية عند قوله فيها بعد ذكر جواز الفصل: وحجتي قراءة ابن عامر وكم لها من عاضد وناصر فلا نطيل بها.
وأما أدلة ذلك من النثر فقراءة من قرأ فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله بنصب وعده وجر رسله، وما روي منه في الصحيح كثير كقوله- صلى الله عليه وسلّم- «فهل أنتم تاركوا لي صاحبي». وما حكاه ابن الأنباري عن العرب أنهم يفصلون بين المضاف إليه بالجملة فيقولون: هذا غلام إن شاء الله ابن أخيك، وكان ابن الأنباري صدوقا ديّنا ثقة حافظا.
قال أبو علي القالي: كان أبو بكر بن الأنباري يحفظ فيما ذكر ثلاثمائة ألف شاهد في القرآن الكريم، وقيل إنه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا للقرآن الكريم بأسانيدها، وما حكاه الكسائي من قولهم: هذا غلام والله زيد بحر زيد بإضافة الغلام إليه والفصل بينهما بالقسم.
فإن قلت لقائل أن يقول القراءة شاذة والأحاديث مروية بالمعنى وما ذكره ابن الأنباري والكسائي ليس كمسألتنا.
قلت: لا خلاف بينهم كما نقله السيوطي أن القراءة الشاذة تثبت بها الحجة في العربية ولو نقل لهذا المجترئ الحائد عن طريق الهدى ناقل لم يبلغ في الرتبة أدنى القراء بل ولا عشر معشاره كلاما ولو عن راع أو أمة من العرب لرجع إليه وبنى قواعده عليه، والقرآن المتواتر الذي نقله ما لا يعد من العدول الفضلاء الأكابر عن مثلهم يحكم عليه بالرد والسماجة، وأما الأحاديث فالأصل نقلها بلفظها وادعاء أنها منقولة بالمعنى دعوى لا تثبت إلا بدليل، ومن مارس الأحاديث ورأى تثبيت الصحابة والآخذين عنهم


الصفحة التالية
Icon