الفحام فيها سوى بين بين، وقال في موضع آخر ولعل ذلك وهم من بعضهم حيث رأى بعضهم الرواة عن ورش يقرءونه بالخبر فظن أن ذلك على وجه البدل، ثم حذفت إحدى الألفين، وليس كذلك بل هي رواية الأصبهاني عن أصحابه عن ورش ورواية أحمد بن صالح ويونس بن عبد الأعلى وأبي الأزهر كلهم عن ورش يقرءونها بهمزة واحدة على الخبر كحفص فمن كان من هؤلاء يروي المد لما بعد الهمز يمد ذلك فيكون مثل آمنوا إلا أنه بالاستفهام وأبدل وحذف انتهى بتصرف، وأما النظر فحسبك أن فيه تغيير اللفظ والمعنى، أما تغيير اللفظ فظاهر وهو مصرح به في كلام القائل بجواز البدل حيث قال فتبقى قراءة ورش إلى آخره، وأما المعنى فإن الاستفهام يرجع خبرا ولو باحتمال.
فإن قلت: يجاب عن هذا بما قاله الأذفوي يشبع المد ليدل على أن مخرجها مخرج الاستفهام دون الخبر.
قلت: وإن تعجب فاعجب من صدور هذه المقالة من عالم لا سيما ممن برع في علوم القراءات وكان من أعلم أهل عصره بمصر وهو الإمام أبو بكر محمد بن علي الأذفوي إذ يلزم عليه أن جميع ما نقرؤه بالمد من باب آمَنُوا* نحو آمَنَ الرَّسُولُ.
خرج من باب الخبر إلى الاستفهام وهو ظاهر الفساد وقوله لا تصير قراءة ورش مثل قراءة حفص إلى آخره فيه نظر مع قول المحقق: فمن كان من هؤلاء يروي المد إلى آخره بل هو على إطلاقه وهذه الكلمة من مداحض أقدام العلماء ولا يقوم بواجب حقها إلا العلماء المطلعون على المذاهب المختصون بالفهم الفائق والدراية الكاملة، وقد كشفت لك عنها الغطا وميزت لك الصواب من الخطأ والفضل والمنة لله العلي العظيم.


الصفحة التالية
Icon