فإمالته بين بين، ومن خرج منهم عن هذا الأصل أبينه في موضعه إن شاء الله تعالى، وأذكر للكسائي ما يصح الوقف عليه من هاء التأنيث إلا ما هو ظاهر فاحذفه وإنما اقتصر على ما يصح الوقف عليه في هذا الباب وباب وقف حمزة وهشام لأن بمعرفته يعرف حكم غيره وفيه استدعاء لتعلم ما أهمل تعلمه وهو معرفة ما يوقف عليه وما يبتدأ به وهو أمر واجب ويؤدي تركه إلى الإخلال بالفهم وفساد المعنى وأي فساد أعظم من هذا، ولهذا حض العلماء قديما وحديثا عليه وألفوا فيه التآليف المطولة والمختصرة، وحكوا فيها عن الصحابة ومن بعدهم آثارا كثيرة منها قول ابن مسعود- رضي الله عنه-: «الوقف منازل القرآن»، وقول على- رضي الله عنه-: «الترتيل معرفة الوقف وتجويد الحروف»، وقول ابن عمر- رضي الله عنهما-: «لقد غشينا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على النبي- صلى الله عليه
وسلّم- فيتعلم حلالها وحرامها وأمرها وزجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها» قال في النشر بعد نقله ما ذكرناه عن على وابن عمر- رضي الله عنهم-: ففي كلام علي- رضي الله عنه- دليل على وجوب تعلمه ومعرفته، وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة- رضي الله عنهم- وصح بل تواتر عندنا تعلمه، والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع ونافع بن أبي رويم وأبي عمرو بن العلاء ويعقوب الحضرمي وعاصم ويعقوب بن أبي النجود وغيرهم وكلامهم فيه معروف من ثم اشترط كثير من أئمة الخلف على المجيز أن لا يجيز أحدا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء وكان شيوخنا يوقفوننا عند كل حرف ويشيرون إلينا بالأصابع سنة أخذوها كذلك عن شيوخهم انتهى مختصرا، ولا بد فيه من معرفة مذاهب القراء ليجري كل على مذهبه فنافع كان يراعي محاسن الوقف والابتداء بحسب المعنى، والمكي روى عنه أبو الفضل الرازي أنه كان يراعي الوقف على رءوس الآي ولا يعتمد وقفا في