اتكالا على ما تقدم له في باب وقف حمزة وهشام يدل على ذلك قوله كما تقدم في بابه، وقد ضعف بعض النحاة قراءة حمزة وتجرأ بعضهم فقال إنها لحن واحتجوا لدعواهم بأن فيها حذف حركة الإعراب وهو لا يجوز في نثر ولا شعر لأنها اجتلبت للفرق بين المعاني وحذفها مخلّ بذلك والجواب أن هذه ليست بحجة بل هي خطابة فلا يعترض بها على قراءة متواترة إذ لا تقابل اليقينيات بالخطابات بل قوله لا يجوز ممنوع لأن التسكين لأجل التخفيف كتسكين البصري بارئكم ونحوه أو لإجراء الوصل مجرى الوقف شائع مستفيض في كلام العرب في النظم والنثر وقد أكثر الاستاذ أبو علي الفارسي في الحجة من الاستشهاد بكلام العرب على جواز الإسكان فانظره إن شئت ويحسن هذا التسكين وجوه: الأول: أنه وقع في الآخر وهو محل التغيير، الثاني: أنه وقع بعد حركات. الثالث: أن حركته ثقيلة وهي الكسر لأنه ينشأ من انجرار اللحن الأسفل إلى الأسفل انجرارا قويّا، الرابع:
أن الحركة وقعت على حرف ثقيل، الخامس: أن قبله مشددين والمولى منهما حرف ثقيل ولم ينفرد بهذه القراءة حمزة بل هي قراءة الأعمش، قال المحقق:
ورواها المنقري عن عبد الوارث عن أبي عمرو وقرأنا بها من رواية ابن أبي شريح عن الكسائي وناهيك بإمامي القراءة والنحو أبي عمرو والكسائي انتهى.
وقول الزمخشري لعله اختلس فظن سكونا أو وقف وقفة خفيفة ثم ابتدأ فظنوه سكن في الوصل مشعر بغلط الرواة وهو باطل لأنا لو أخذنا بهذه التجويزات العقلية في حملة القرآن لأدى ذلك إلى الخلل فيه بل المظنون بهم التثبت التام والحرص الشديد على تحرير ألفاظ كتاب الله وعدالتهم وخشيتهم من الله عزّ وجلّ تمنعهم من التساهل في تحمله لا سيما فيما فيه مخالفة الجمهور فعندهم فيه مزيد اعتناء وهم أعلم بالعربية وأشد لها استحضارا وقرب بها عهدا ممن يعترض عليهم وينسبهم للوهم والغلط


الصفحة التالية
Icon