معرفة بشرية على وجه العموم، أم أنه على العكس من ذلك، هنالك أسباب لا يمكن دفعها تحدونا للأعتقاد بمصدره العلوي الإلهي.
تلك هي المسألة التي جئتَ بدورك تلزم نفسك بالعمل على حلها، بإيجاد الأسس الثابتة والعقلية، للإيمان بالمصدر الإلهي لهذا الكتاب، وتسليط الأضواء عليها.
وإذا كان المفسرون التقليديون، توصلاً إلى الهدف نفسه، قد أكدوا بصورة خاصة على الجانب الأدبي من المسألة، فإن هذا الموقف على كل حال يجد تفسيره وما يسوغه في المسلمة الأعم للقرآن. تلك المسلمة التي تميز بها الأسلوب القرآني في جمال لا يضاهى وجلال مميز، وبالاعتراف الفوري بالعجز عن الإتيان بمثله، وهو الوجه الأقرب منالاً لسائر البلغاء من البدو. على أنه من الصحيح أيضاً أن هؤلاء المفسرين، وهم ينظرون في محتوى القرآن، قد رأوا في اتساع وعمق المعرفة التي يحملها للإنسانية، دليلاً في ذاته على خصائصه التي تتجاوز طاقة البشر، وأن التعارض بين توجيه بعض الآيات، كآية ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ [الأحزاب ٣٣/ ٣٧] مثلاً، والمشاعر الشخصية للرسول - ﷺ -، لشهادة لا تُرَدُّ على استقلالية القرآن عن النبي.
فهل يمكن أن يقال إن هذه النتائج المستخلصة من قبل أجدادنا، تجعل كل محاولة لتفسير جديد عديمة الجدوى؟.
هل يقال إن واجبنا يتحدد من الآن فصاعداً، بتدوين هذه النتائج الجاهزة، وبالنظر إليها كأنها الكلمة الأخيرة حول حقيقة الأشياء؟.
كلا، ثم كلا.
إذ أنه بقدر ما تتطور معارفنا حول الطبيعة والنفس الإنسانية، وكلما اكتسبنا سبباً جديداً يحملنا على أن نرى الأشياء من زاوية مختلفة، فإن ذلك