وإن القرآن ليلح كثيراً في هذه النقطة، كما يمكن أن ندركه في الآية: ﴿كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا﴾ [طه ٩٩/ ٢٠].
وفي آيات أخرى يبدو القرآن وكأنما يشير إلى تحديد مقصود للوحي في نقطة معينة بالذات، كأنما ليعلق ضمير النبي واهتمامه بأشياء لم تكن بعد قد أوحيت، أو لم تنزل عليه قط، وهاك مثلاً على ذلك قوله تعالى:
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾ [القصص ٧٨/ ٢٨].
ففي هذه الآية يمضي الوحي القرآني ليس أبعد من الفكرة المحمدية فحسب، ولكن أبعد مما قد أوحي فعلاً.
ومن الممكن أن نذكر آيات كثيرة، ولا سيما الآية:
﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ [الزخرف ٤٥/ ٤٣].
وهي تؤدي المعنى نفسه.
وأحياناً يرد الفصل في القرآن بين الفكرة المحمدية والفكرة القرآنية بمناسبة حادث يجري في الحياة العادية:
﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾ [محمد ٤٧/ ٣٠].
وأخيراً، قد نرى هذا الفصل في التعارض بين الفكرة المحمدية والفكرة القرآنية، كما في هذه الآية التي سوف نحللها فيما بعد (١)، وهي قوله تعالى:

(١) راجع الفصل الخاص بالمناقضات.


الصفحة التالية
Icon