كهذا، ولا نجد لديه إلا أثراً يتعلق بالجيل الآدمي الحاضر. فمن الضروري إذن أن نقر أن المعادلة البيولوجية المشار إليها لم تحدث سوى مرة واحدة، ومن أجل جيل وحيد فريد؛ وبعبارة أخرى: هنالك حتمية بيولوجية لا تستطيع العوامل المادية وحدها أن تبرهن عليها، وهذا يلفت انتباهنا إلى نقص في المذهب المادي، وهو نقص يثبت ضعف مبدئه الأساسي، وسيزيد هذا النقص في نظرنا إذا ما اعتبرنا أن المعادلة المذكورة لا تعطينا تفسيراً لظاهرة التوالد الحيواني. وهناك في الواقع مشكلة جديدة تخص وحدة النوع التي لا يمكن أن ترى في الفرد، وإنما في الزوج: الذكر والأنثى؛ ولذلك فإن النظرية المادية لا تقدم أي تسويغ لهذا الازدواج الذي يعد شرطاً لوظيفة التوالد الحيوانية.
فإذا كان هناك حدث (بيولوجي) عرضي فيما يخص الرجل، فإن المشكلة تظل تواجهنا على الرغم من ذلك فيما يتعلق بالمرأة، إلا إذا قررنا حدثا مزدوجاً في الأصل، نتج عنه الزوج المتوالد الضروري لتناسل النوع الإنساني، وإذا نحن قررنا على الرغم من كل شيء هذا الحدث المزدوج للمادة، يكون من الصعب أن نقرر أن نتيجته كانت متسقة تماماً مع هدف وظيفة التناسل الواحدة المشتركة بين الذكر والأنثى.
وعلى كل فإن حتمية المادة يمكن أن تصح إذا كانت تتحقق في صورة خنوثة زوجية لنوعين متماثلين مستقلين: نوع الرجل ونوع المرأة، وبهذا يوجد أيضاً بقية نقص تثير عدم التوافق في المبدأ.
ومن وجهة النظر الآلية: من الثابت أن المادة تخضع لمبدأ (القصور الذاتي) خضوعاً تاماً، فالمادة الحية على هذا تعد استثناء من القاعدة: فإن الحيوان مزود بميزة تعديل وضعه بنفسه، وهنا يظهر أيضاً ضعف المذهب المادي.
وهناك ظواهر أخرى لا تقل عن السابقة في إثارة الاهتمام بغرائب المذهب


الصفحة التالية
Icon