فحيثما يوجد نقص في المذهب السابق، يوجد تدخل سبب خاص خالق، عالم بخلقه، ومريد.
ولقد نجهل مؤقتاً القانون الذي يسيطر على ظاهرة ما زالت تخفى علينا طريقة حدوثها، ومع ذلك فإن المذهب يظل منسجماً منطقياً مع مبدئه الأساسي، لأن مثل هذه الظاهرة يمكن تسويغها في التحليل النهائي بناء على حتمية مطلقة، فإرادة الله هي التي تتدخل هنا، بينما كانت الصدفة هي التي تتدخل هناك، تلك الصدفة التي تُعَدّ الإله القادر على كل شيء في المذهب المادي.
ولا يغيبن عن نظرنا أن الأمر لا يتعلق هنا- كما سبقت الملاحظة- بالموازنة بين نوعين من العلم، بل بين عقيدتين: عقيدة تؤله المادة، وأخرى ترجع كل شيء إلى الله تعالى.
وليس من نافلة القول أن نقرر أن عالماً كبيراً يستطيع أن يكون مؤمناً كبيراً، على حين أن مسكيناً جاهلاً يمكنه أن يكون جاحداً كبيراً أيضاً؛ والأمر هكذا غالباً. وعندما نصادف حالة عجيبة لعالم يقول إن القرد جد للإنسان، فيجب أن نفكر أيضاً في ذلك الوثني المتواضع على شاطئ نيجيريا، الذي يعتقد تماماً أنه قد انحدر من جَدٍ تمساح، فليس لدى كل من هذين الرجلين، العالم والبدائي، سوى فكرة غيبية يعبر عنها كل منهما بطريقته.
إن عصور الاضطرابات الاجتماعية، والاختلال الروحي هي وحدها التي تخلق الصراع بين الدين والعلم.
ولكن كما تواردت أحداث التاريخ، في روسيا مثلاً إبان الحرب الأخيرة، وفي فرنسا عقب ثورة ١٧٨٩م، وجدنا أن آلهة العلم قد انهارت على نحو يدعو إلى الرثاء، لتفسح مجالاً للعلم وحده، ذلك الخادم المتواضع للتقدم الإنساني، ومع