أي فاقصر الهمزة، ولم يكتف باللفظ المتقدم ليفهم العموم حيث يلحق بالأصول كما فعل الشاطبي رحمه الله مع أنه أوضح في العموم، وقوله: يعملون، يعني «عما يعملون ولئن» قرأه بالغيب نافع وشعبة وخلف وابن كثير وأبو عمرو ورويسي وحفص والباقون بالخطاب، ولا يلتبس هذا بقوله «عما يعملون تلك أمة» لأنه ذكره بعد رءوف، فالترتيب يزيل الالتباس، ووجه الغيب حمله على قوله تعالى وإن الذين أوتوا الكتاب ووجه الخطاب حمله على «وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم» قوله: (وثانيه) أي وثاني «عما يعملون» المتقدم فيه الخلاف، يريد «عما يعملون» الذي بعده «ومن حيث» قرأه بالغيب أبو عمرو حملا على «الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه» والباقون بالخطاب حملا على قوله تعالى: فول وجهك إذ المراد هو وأصحابه قوله: (حفا) أي علمه علم استقصاء.
وفي مولّيها مولّاها (ك) نا
تطوّع التّا يا وشدّد مسكنا
يعني في موضع «موليها» الذي هو بكسر اللام ويا بعدها على أنه اسم فاعل محتاج إلى مفعولين حذف أحدهما والفاعل هو الله تعالى: أي الطريق الذي هو موليها إياهم والطريق موليها إياهم، أو الفريق موليها نفسه؛ فقرأ ابن عامر مولاها بفتح اللام وألف بعدها على أنه اسم مفعول فلا يحتاج إلى حذف مفعول: أي لكل فريق وجهة مولاها؛ ولهذا قال: كنا، لأن فيه ضميرا مستترا يعود على ما هو قام مقام الفاعل والمنصوب هو البارز قوله: (كنا) أي أضمر وروى فناسب ذلك قراءته قوله: (تطوع) أي اجعل التاء التي في تطوّع ياء وشدد الطاء في حال كونك مسكنا العين ليعقوب وحمزة والكسائي وخلف كما سيأتي في أول البيت بعده، يريد قوله تعالى: ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم فهو فيها فعل مستقبل أصله يتطوع فأدغمت التاء في الطاء لأن المعنى على الاستقبال، والباقون تطوع كما لفظ به وتطوع عندهم ماض، وحرف الشرط يغني عن الاستقبال مع حفظ اللفظ.