الصفات وتفكيك الحروف وهو بيانها وإخراج بعضها عن بعض والسكت والترتيل والتؤدة وملاحظة الجائز من الوقوف من غير أن يتجاوز فيه إلى حد الإفراط.
والحدر: هو الإسراع وهو عندهم عبارة عن إدراج القراءة وسرعتها وتحقيقها بالقصر والاختلاس والإبدال والإدغام ونحو ذلك مما صحت به الرواية مع إيثار الوصل وإقامة الإعراب، فهو ضد التحقيق؛ لتكثير الحسنات وإحراز فضل كثرة التلاوة، فليحترز فيه عن بتر الحروف المدية وإذهاب صوت الغنة وقصر المد المتصل واللازم، وعن التفريط إلى حالة لا تجوز القراءة بها. والتدوير: عبارة عن التوسط بين المقامين كما هو مذهب أكثر القراء.

مع حسن صوت بلحون العرب مرتّلا مجوّدا بالعربي
أي ويراعى هذه الأحوال الثلاثة مع حسن الصوت، لقوله صلى الله عليه وسلم: «زينوا القرآن بأصواتكم» (١) وقوله: «ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن» (٢) وغير ذلك من الأحاديث، وقوله: «بلحون العرب» لما ورد عنه عليه الصلاة والسلام «اقرءوا القرآن بلحون العرب وإياكم ولحون أهل الفسق» (٣) وقوله: مرتلا، لقوله تعالى:
ورتل القرآن ترتيلا (٤)، قال ابن عباس: بينه. وقال مجاهد: تأنّ فيه، وقال غيره: تثبت في قراءته وتمهل فيها؛ وعن علي رضي الله عنه: الترتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف (قوله: مجودا) أي في غاية الجودة كما سيأتي في البيت الآتي، وقوله بالعربي: أي بلفظ العرب من اللغة العربية لا باللفظ العجمي من تفخيم الألفات وتصفير الصادات وتطنين النونات وتسمين الحروف. وترعيد المدات، بل قراءة سهلة عذبة حلوة لطيفة لا مضغ فيها ولا لوك فيها ولا تعسف ولا تكلف ولا تصنع ولا تقطع (٥) غير خارجة عن طباع العرب وكلام الفصحاء.
(١) رواه البخاري «٧٩٢» والترمذي واحمد ورقمه في صحيح مسلم: «٤٧٣٦».
وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم عن البراءة رضي الله عنه وقالوا حديث صحيح.
(٢) رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه وقال حديث صحيح. وكذا رواه مسلم/ باب تحسين الصوت بالقرآن/ ٢١١١/
(٣) رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن حذيفة رضي الله.
(٤) سورة المزّمّل الآية «٤».
(٥) تقطع: نحو تنطع.


الصفحة التالية
Icon