فلا تتجاوز به ما ورد عن السلف وصح عن الأئمة نقله، فمن ذلك: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، وأعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وأعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم، وورد أيضا غير ذلك من زيادة ونقص، وفي صحته نظر، وفي قوله: وإن تزد، إشارة إلى أنه لم يصح عنده نقص من اللفظ المختار. وقول الشاطبي رحمه الله. وإن تزد لربك تنزيها، صريح في إطلاق الزيادة، وهو مشكل. قال الجعبري رحمه الله تعالى في شرحه: هذه الزيادة وإن أطلقها وخصها فهي مقيدة بالرواية وعامة في غير التنزيه.
وقيل يخفى حمزة حيث تلا | وقيل لا فاتحة وعلّلا |
هذا كالاستدراك على قوله: جهرا لجميع القراء، وهو أنه ورد عن حمزة روايتان في إخفاء التعوذ سوى الجهر، وهو الإخفاء مطلقا: أي حيث قرأ سواء كان أول سورة أو أثناءها، والثاني الإخفاء إلا في فاتحة الكتاب كما ذكره في النشر، والأصح عنه الجهر كما تقدم، وكذلك نقل عن نافع الإخفاء مطلقا ولكنه من غير طريق كتابنا، ووجه إخفاء حمزة ليفرق بين القرآن وغيره، ووجه تخصيص الفاتحة بالجهر الفرق بين ابتداء القرآن وغيره، وذلك أن القرآن عنده كالسورة الواحدة، ولهذا آثر وصل السورة بالسورة من غير فصل بين السورتين ببسملة ولا غيرها، ولأن أبا هريرة رضي الله عنه جهر بها في أول الفاتحة، (١) والألف في عللا للتثنية: أي والقولان معلولان: أي ضعيفان، ويحتمل أن يراد أن لكل منهما علة:
أي وجه.
وقف لهم عليه أوصل واستحب | تعوّذ وقال بعضهم يجب |
أي يجوز لكل واحد من القراء الوقف على التعوذ ووصله بما بعده سواء كان بسملة أو غيرها، وهذه مسألة عزيزة قلّ من تعرض لها، وقد أشار إليها الداني في كتابه الاكتفاء، والأستاذ أبو جعفر بن الباذش في كتاب الإقناع، وأجاد في ذلك في كتاب النشر (قوله: واستحب) يشير إلى مسألة مهمة وإن لم تتعلق بالقراءة، وهي التعوذ واجب أو مستحب، فالذي ذهب إليه الجمهور أنه مستحب