البشر في أمور دينهم ودنياهم. في العقائد، والأخلاق وفي العبادات وفي المعاملات: المدنية، والجنائية، وفي الاقتصاد، والسياسة، والسلم، والحرب، والمعاهدات، والعلاقات الدولية وهو في كل ذلك حكيم كل الحكمة، لا يعتريه خلل ولا اختلاف، ولا تناقض ولا اضطراب وصدق الله:
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢) [سورة النساء: ٨٢] وأصيل غاية الأصالة، وعدل غاية العدالة، ورحيم غاية الرحمة، وصادق غاية الصدق، وصدق الله وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥) [سورة الأنعام: ١١٥].
فلا عجب.. أن كانت السعادة الحقة لا تنال إلا بالاهتداء بهديه، والتزام ما جاء به وأن كان الشفاء لأمراض النفوس وأدواء المجتمع؛ فاهتدت به القلوب بعد ضلال، وأبصرت به العيون بعد عمى، واستنارت به العقول بعد جهالة، واستضاءت به الدنيا بعد ظلمات، وصدق الله:
إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٠) [سورة الإسراء: ٩ - ١٠]. وقال: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً (٨٢) [سورة الإسراء: ٨٢].
وقال: قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦) [سورة المائدة: ١٥ - ١٦].
٣ - القرآن حارب التقليد، ودعا إلى النظر، والتأمل في الكون
وهو الكتاب الذي فك العقول من عقالها، وأطلق النفوس من إسارها، وأنحى على التقليد والمقلدين بالذم والتوبيخ، قال عز شأنه: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠) [سورة البقرة: ١٧٠]، وقال: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ


الصفحة التالية
Icon