آيات الأحكام (١)، ولا سيّما في القسم المكي، ولذلك سرّ: ذلك أن هذا النظر، وذاك التأمل غالبا ما ينتهيان بالإنسان العاقل المجرد عن الأهواء والشهوات، إلى الوصول إلى الإيمان بالخالق- جل وعلا- ووحدانيته وتفرده بصفات الكمال والجلال، والجمال والإيمان بالبعث والمعاد، وأن هناك حياة أخرى خيرا من هذه الحياة، والإيمان بالملائكة والرّسل الكرام وإذا ما آمن البشر بهذه العقائد سهل عليهم بعد تلقي الشرائع، والتزامها علما، وعملا، وسلوكا، وخير الإيمان ما كان عن بينة ودليل، وخير العلم والعمل ما كان عن اطمئنان وبحث، واقتناع.
٤ - القرآن فتح الباب للعلوم التجريبية
والقرآن حينما دعانا إلى النظر في الآيات الآفاقية والأنفسية لم يقف بنا عند حد الاعتبار والاتعاظ بالظواهر والصور والأشكال فحسب، وإنما أراد- إلى ذلك- استكشاف المستور، واستكناه الأسرار، والتقصي عما فيها من عجائب وسنن وخواص عن طريق الملاحظة حينا والتجارب أحيانا أخرى؛ وبذلك يكون القرآن فتح أبوابا للعلوم التجريبية منذ أربعة عشر قرنا من الزمان.
ولو أن المسلمين استفادوا بما في هذا الكتاب الكريم من توجيهات وإرشادات؛ لكانوا- كما كان الشأن في سلفهم الأولين- أسبق الأمم إلى الكشوف العلمية والاختراع والابتداع، ولصاروا سادة الدنيا، وأضحى بيدهم زمام الأمور، ولكنهم جمدوا ولم يستفيدوا بهدي القرآن وإرشاداته، فكانوا على ما ترى... !
٥ - القرآن حارب العنصرية، والعنجهية الجاهلية
والقرآن هو الذي قضى على العنجهية، ودعاوى الجاهلية، وقضى على التفرقة العنصرية والنسبية واللونية، ووضع أساس المساواة بين الناس

(١) أكثر ما قاله العلماء في آيات الأحكام أنها خمسمائة، وغاية ما قالوه في تعداد آيات القرآن ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون آية.


الصفحة التالية
Icon