حيث يقول: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ (١) الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣) [سورة فصلت: ٥٣] بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.
وقصارى القول وحماداه: أنك لن تجد في الكشف عن حقيقة هذا الكتاب وخفاياه وفضائله ومزاياه أوفى مما وصفه به نبينا «محمد بن عبد الله».
روى الترمذي (٢) بسنده عن الحارث الأعور قال: مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على «عليّ» فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا ترى الناس قد خاضوا في الأحاديث قال: أوقد فعلوها
قلت: نعم. قال: أما إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ألا إنها ستكون فتنة» قلت: وما المخرج منها يا رسول الله قال: «كتاب الله فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء (٣) ولا تلتبس به الألسنة (٤)، ولا يشبع منه العلماء (٥) ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه،
(٢) قال الترمذي فيه: حديث غريب، وإسناده مجهول، وفي حديث الحارث مقال ولكن ذكره الحافظ «السيوطي» في الإتقان، وقال أخرجه الترمذي، والدارمي وغيرهما، وسكت عنه، وكذا ذكره الحافظ «ابن كثير» في «فضائل القرآن» له، وتعقب كلام الترمذي بما يدل على اعتماده للحديث، والمتأمل فيه يجد فيه قبسا من نور النبوة، وحكما من ينابيع الوحي، مما يجعل القلب يطمئن إليه.
(٣) بفتح التاء: أي لا تميل عن الحق باتباعه الأهواء أو بضمها: أي لا تميله الأهواء المضلة عن نهج الاستقامة إلى الاعوجاج، من الإزاغة: بمعنى: الإمالة والباء لتأكيد التعدية.
(٤) ولا تلتبس: أي لا تتعسر عليه ألسنة المؤمنين، ولو كانوا من غير العرب قال تعالى:
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ وقال فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ.
(٥) أي لا يحيطون بكنهه إحاطة من يشبع من الشيء، بل كلما اطلعوا على شيء منه اشتاقوا