وسبقه الخطيب فقال: لعلهما اتفق لهما ذلك في وقت واحد. وهذا ما رجحه السيوطي في الإتقان، وأسباب النزول.
وإذا انضم إلى هاتين الروايتين ما رواه البزار عن حذيفة قال: قال رسول الله ﷺ لأبي بكر: «لو رأيت مع أم رومان رجلا، ما كنت فاعلا به» قال:
شرّا، قال: «فأنت يا عمر» قال: كنت أقول لعن الله الأعجز، وإنه لخبيث، فنزلت.
وعلى هذا تكون الآيات نزلت عقب هذه الأسباب كلها، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: لا مانع أن تتعدد القصص، ويتحد النزول.
الحالة الرابعة:
استواء الروايتين أو الروايات في الصحة، ولا مرجح لأحدهما، ومع عدم إمكان نزول الآية عقبهما، لتباعد الزمان، فالحكم، أن يحمل الأمر على تكرر النزول، ولا مانع من تكرر النزول؛ بل له حكم، قال «ابن الحصار»: «قد يتكرر نزول الآية تذكيرا وموعظة»، وقال «الزركشي» في

وقال الحافظ في الفتح ما خلاصته: وقد اختلف الأئمة في هذا الموضع؛ منهم من رجح أنها نزلت في شأن عويمر، ومنهم من رجح أنها نزلت في شأن هلال، وجاء عويمر ولم يكن علم بما وقع لهلال، وما أنزل الله بشأنه فأخبره النبي بالحكم وبنزول آيات في ذلك، ومنهم من جمع بينهما، بأن أول من وقع له هلال، وصادف مجيء عويمر أيضا فنزلت في شأنهما معا في وقت واحد، ثم ذكر أن القرطبي جنح إلى تجويز تكرر النزول (الفتح ج ٨ ص ٢١٣) ولعل ما ذهب إليه السيوطي في الجمع بينهما هو الأولى والأسلم.
وقال الحافظ في (الفتح ج ٩ ص ٢٧١) في شرح أحاديث اللعان، وقد قدمت اختلاف أهل العلم في الراجح من ذلك، وبينت كيفية الجمع بينهما في تفسير سورة «النور» بأن يكون هلال سأل أولا ثم سأل عويمر فنزلت في شأنهما، وظهر لي الآن: احتمال أن يكون عاصم سأل قبل النزول ثم جاء هلال بعد فنزلت عند سؤاله، فجاء عويمر في المرة الثانية التي قال فيها: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به، فوجد الآية نزلت في شأن هلال، فأعلمه النبي بأنها نزلت فيه، يعني: أنها نزلت في كل من وقع له ذلك؛ لأن ذلك لا يختص بهلال.


الصفحة التالية
Icon