من المشركين بمكة، أو في قوم من اليهود والنصارى، أو في قوم من المؤمنين فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب: هل يختص بسببه فلم يقل أحد إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال:
إنها تختص بنوع ذلك الشخص فتعم ما يشبهه ولا يكون فيها بحسب اللفظ، والآية التي لها سبب معين إن كان أمرا أو نهيا فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته.
[ثمرة الخلاف بين الجمهور وغيرهم]
وثمرة هذا الخلاف ترجع إلى أمرين:
١ - أن الحكم على أفراد غير السبب مدلول عليه بالنص النازل فيه عند الجمهور، وذلك النص قطعي الثبوت اتفاقا، وقد يكون مع هذا قطعي الدلالة أما غير الجمهور فالحكم عندهم على غير أفراد السبب ليس مدلولا عليه بالنص بل بالقياس أو الاستدلال بالكلمة المعروفة عند الأصوليين وكلاهما غير قطعي.
٢ - أن أفراد غير السبب يتناولها الحكم عند الجمهور ما دام اللفظ قد تناولها، أما غير الجمهور فلا يسحبون الحكم إلا على ما استوفى شروط القياس دون سواه إن أخذوا فيه بالقياس.
أدلة الجمهور
استدل الجمهور على ما ذهبوا إليه بأدلة نكتفي منها بما يأتي:
الدليل الأول: احتجاج الصحابة وغيرهم من الأئمة المجتهدين في جميع الأعصار في وقائع بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة، وهذا أمر شائع ذائع بينهم ولم يعرف عنهم أنهم لجأوا إلى قياس أو استدلال بغير لفظ الآيات، فدل ذلك على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ومن ذلك احتجاجهم بآية السرقة في قطع يد كل سارق مع نزولها في حادثة خاصة وهي سرقة المجن أو رداء صفوان واحتجاجهم بآيات حد


الصفحة التالية
Icon