٢ - روى البخاري ومسلم في صحيحيهما، بسنديهما عن ابن شهاب الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن ابن عبد القاري (١) أخبراه: أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم (٢) يقرأ سورة «الفرقان» في حياة رسول الله ﷺ فاستمعت لقراءته؛ فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة، لم يقرئنيها رسول الله؛ فكدت أساوره (٣) في الصلاة فتصبرت حتى سلم، فلببته بردائه، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ قال: أقرأنيها رسول الله ﷺ قلت:
كذبت (٤)؛ فإن رسول الله ﷺ أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به، أقوده إلى رسول الله ﷺ فقلت: إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرسله، اقرأ يا هشام» فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذلك أنزلت»، ثم قال:
اقرأ يا عمر؛ فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذلك أنزلت؛ إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه» (٥).
٣ - وروى مسلم في صحيحه بسنده عن أبي بن كعب: أن النبي ﷺ كان عند أضاة (٦) بني غفار، قال: فأتاه جبريل- عليه السلام- فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف، فقال: «أسأل الله معافاته ومغفرته، وأن أمتي لا تطيق ذلك»، ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ
(٢) ابن حزام الأسدي على الصحيح، أسلم يوم الفتح هو وأبوه، وكان لهشام فضل، ومات قبل أبيه، وليس له في البخاري رواية، وأخرج له مسلم حديثا واحدا مرفوعا من رواية عروة عنه، وهذا يدل على أنه تأخر إلى خلافة عثمان وعليّ.
(٣) أواثبه وأمسك به في الصلاة.
(٤) أي أخطأت بلغة الحجاز، أو بنى ذلك على غلبة ظنه واعتقاده.
(٥) فتح الباري ج ٩ ص ١٩ - ٢٠، مسلم بشرح النووي ج ٦ ص ٩٩ وما بعدها.
(٦) أضاة- بفتح الهمزة، وبضاد معجمة: الماء المستنقع كالغدير؛ وجمعه أضا كحصاة وحصا، وإضاء كأكمة وإكام، وكانت بموضع من المدينة النبوية ينسب إلى بني غفار، لأنهم نزلوا عنده.