وقد ذكر السيوطي في الإتقان في النوع السادس والثلاثين الكثير من ذلك (١).
والجواب عن هذا: أ) أن ما ورد من هذه الألفاظ، وإن كانت في الأصل من غير لغة قريش لكن قريشا أخذتها واستعملتها حتى صارت قرشية بالاستعمال، ومعروف أن مركز قريش هيأ لها أن تأخذ من اللغات الأخرى أعذبها وأسلسها.
ب) أن هذه الكلمات التي ذكرتموها مما توافقت فيه لغة قريش وغيرها إلا أنها عند غير قريش أشهر وأعرف، وتوافق اللغات في بعض الكلمات أمر غير مستنكر ولا مستغرب.
وأيا كان الحال فوجود هذه الكلمات في القرآن لا ينافي كون القرآن بلغة قريش.
ومثل هذه الكلمات التي جاءت في القرآن، وقيل إنها غير عربية في الأصل كالمشكاة والقسطاس، وإستبرق ونحوها، فإنها إمّا صارت عربية بالاستعمال أو أنها مما توافقت فيها لغة العرب وغيرهم، ولم يطعن وجودها في كون القرآن عربيّا مبينا.
الشبهة السادسة:
إن قيل: ما هي اللغات السبعة التي نزل بها القرآن ومن أي ألسن العرب كانت
قلنا: لا حاجة بنا اليوم إلى معرفة الألسن الستة الأخرى، ولا إلى القراءة بها بعد أن اندرست وعفت آثارها، وبحسبنا هذا اللسان الباقي وهو لغة قريش وقد قيل: إن خمسة منها بلسان العجر من هوازن، واثنين لقريش وخزاعة، روي ذلك عن ابن عباس؛ إلا أنه لا يصح عنه (٢).

(١) الإتقان ج ١ ص ١٣٣ - ١٣٥.
(٢) تفسير الطبري ج ١ ص ٢٣.


الصفحة التالية
Icon