في قوله تعالى: وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مع أنهما قرشيان، فدل ذلك على أن القرآن فيه ألفاظ بغير لغة قريش.
وإلى هذا القول ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام وثعلب، وأبو حاتم السجستاني واختاره ابن عطية (١) وقال الأزهري في «التهذيب»: إنه المختار، وقد ذكر «السيوطي» أن الزهري ممن قال بهذا: وهو غير صحيح، فظاهر مقالة الزهري المروية في صحيح مسلم تشهد لاختياره للقول السابق الذي رجحناه (٢)، قال الإمام النووي أثناء ذكره لأقوال العلماء في السبعة الأحرف: وقال آخرون: هي الألفاظ والحروف، وإليه أشار ابن شهاب بما رواه عنه مسلم في الكتاب.
وإليك ما قال أبو عبيد في تحرير هذا القول: ليس المراد أن كل كلمة تقرأ على سبع لغات، بل اللغات السبع متفرقة فيه، فبعض بلغة قريش، وبعض بلغة هذيل، وبعض بلغة هوازن، وبعض بلغة اليمن وغيرهم، وبعض اللغات أسعد به من بعض، وأكثر نصيبا.
وبهذا التحرير يتبين لنا فرق ما بين هذا القول والقول السابق.
وقد اختلف القائلون بهذا في بيان اللغات السبع، فقيل: إنها متخيرة من لغات أحياء العرب كلها، وقيل: كانت في (مضر) خاصة، وقيل:
في قريش، قال الحافظ في الفتح: قيل: نزل بلغة مضر خاصة، لقول عمر: نزل القرآن بلغة مضر، وعين بعضهم- فيما حكاه ابن عبد البر- السبع من مضر، إنهم: هذيل، وكنانة، وقيس، وضبة، وتيم الرباب، وأسد بن خزيمة، وقريش، فهذه قبائل مضر تستوعب سبع لغات.
وقال أبو حاتم السجستاني: نزل بلغة قريش، وهذيل، وتيم الرباب والأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر.
واستنكره ابن قتيبة واحتج بقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ

(١) الفتح ج ٩ ص ٢٢.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ج ٦ ص ٩٩، ١٠١.


الصفحة التالية
Icon