فرق بين ما ذكر وبين الاختلاف في وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ وفَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ فجعل هذا الاختلاف من القراءات دون الاختلاف في الأداء كالمد والإمالة تحكم ظاهر (١).
٢ - إن هذا القول مبني على أن القراءات هي الأحرف، والحق- كما قلنا آنفا-: أنها ترجع إليها، وليست ذاتها، ولا حقيقتها.
الأحرف السبعة ليست القراءات السبع
وأشد من هذا القول بطلانا من يزعم: أن الأحرف السبعة هي القراءات السبع المشهورة، وهو غاية الجهل، قال أبو شامة: ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل.
ولذلك لام كثير من العلماء «ابن مجاهد» (٢) على اقتصاره على السبعة؛ لأنه أوقع من لا يعلم في هذا الوهم، قال أبو العباس بن عمار: لقد فعل مسبّع هذه السبعة ما لا ينبغي، فأشكل الأمر على العامة، بإيهامه كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الحديث، وليته إذ اقتصر نقص عن السبعة، أو زاد ليزيل الشبهة ووقع له في اقتصاره من كل إمام على راويين أنه صار من سمع قراءة راو ثالث أبطلها، وقد تكون هي أشهر، وأصح، وأظهر، وربما بالغ من لا يفهم فخطأ أو كفر.
وقال أبو بكر بن العربي: ليست هذه السبعة متعينة للجواز حتى لا يجوز غيرها كقراءة أبي جعفر، وشيبة، والأعمش ونحوهم، فإن هؤلاء مثلهم أو فوقهم.
وكذا قال غير واحد منهم: مكي بن أبي طالب، وأبو العلاء الهمداني، وغيرهم من أئمة القراء (٣).
(٢) هو أبو بكر أحمد بن مجاهد المتوفى سنة ٣٢٤ هـ، وهو أول من نوه بالقراءات السبع.
(٣) فتح الباري ج ٩ ص ٢٥.