هل المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف...
اختلف العلماء في ذلك على أقوال ثلاثة:
١ - ما ذهب إليه الطبري، ومن وافقه على رأيه في الأحرف السبعة من أن المصاحف تشتمل على حرف واحد منها، وهو حرف قريش الذي جمع عثمان عليه المصاحف؛ قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وهو المعتمد.
وهذا الرأي هو الذي يوافق ما ذهب إليه الطبري وموافقوه في الأحرف السبعة، وبسطناه فيما سبق غاية البسط، وهو مذهب المحققين.
٢ - وذهب جماعة من الفقهاء والمتكلمين إلى أنها مشتملة على جميع الأحرف السبعة، وقالوا: إنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء منها، وقد أجمع الصحابة على نقل المصاحف العثمانية من الصحف التي كتبها أبو بكر، وكانت بجميع الأحرف السبعة، وأجمعوا على ترك ما سوى ذلك.
وقد أجيب عنه: بما ذكره ابن جرير: من أن القراءة على الأحرف السبعة لم تكن واجبة على الأمة، وإنما كان جائزا لهم، ومرخصا لهم فيه، فلما رأى الصحابة أن الأمة قد تفترق وتختلف إذا لم يجمعوا على حرف واحد أجمعوا على ذلك إجماعا شائعا، وهم معصومون من الضلالة؛ ولم يكن في ذلك ترك واجب ولا فعل حرام، وهذا إنما يتأتى على قول من يقول:
إنها مفرقة في القرآن كله، أو أنه سبع قراءات من القراءات المشهورة.
٣ - وذهب جماعة من السلف والخلف إلى أنها مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط، جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي ﷺ على جبريل متضمنة لها، لم تترك منها حرفا واحدا.
قال ابن الجزري: وهذا هو الذي يظهر صوابه، قلت: لأنه هو الذي يوافق اختياره في الأحرف السبعة، وعلى هذا يتنزل أيضا ما ذكره ابن قتيبة، وأبو بكر الرازي، وأبو بكر الباقلاني.
قال في «الفتح» - بعد ذكر بعض هذه الأقوال-: والحق أن الذي جمع في المصحف هو المتفق على إنزاله، المقطوع به، المكتوب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم